-A +A
منى العتيبي
في خضم التداعيات وردات الفعل للمواطن السعودي والخليجي لن أتحدث عن معنى البداوة، ولا قيمنا البدوية، ولا تاريخنا المليء والمشهود له بالتطور، ولا المثقف السعودي والخليجي المطور لنفسه والمعتز بهويته الوطنية والعربية والإسلامية والإنسانية عموماً.

إنما سأتحدث عن نموذج شربل وهبة المثقف اللبناني في مجالات الفكر والثقافة والسياسة والاقتصاد، فلعلنا نعلم جيداً قيمة المثقف في التنمية خصوصاً على مستوى بلاده، المثقف أحد الروافد القوية التي تسهم في بناء بلاده والرقي بها ودفعها نحو آفاق التقدم والحضارة؛ لذلك لا بد أن يكون نموذجاً إنسانياً داعماً لكل المكونات التي تضمن بناء الإنسان والمكان حضاريّاً. والمثقف شريك القفزات النوعيّة التي تعيشها بلاده وقائد الحراك التنموي الثقافي والاقتصادي والسياسي والفكري بشكل عام.


هو أيضاً الواعي والفاهم والمتفهم لجذور سلوكيات العامة، وبالتالي يقودها نحو بوصلة الصواب ولا ينقاد وراءها للهاوية، وهذا الذي لم نجده عند شربل وهبة الذي يعيش في ذهنية الصورة النمطية الشعبية والعنصرية، فعندما يتفوه شخص لبناني من العامة والشعب بما تفوه به شربل وهبة من افتراءات على البلدان الخليجية، فهو غير ملام؛ لأنه شخص بسيط يعيش على قوت يومه ويقتات أفكاره مما يدور ويتوارثه من المعلومات المغلوطة المتداولة وغير مطلع على ثقافات الشعوب ولم يتجاوز حدود بلدته، ولكن شخصاً دبلوماسيّاً ووزيراً يصول ويجول بلدان العالم من المفترض أن يكون رجلاً مثقفاً مطلعاً على ثقافات الشعوب وحضاراتها.

ولو أن شربل وهبة كان رجلاً مثقفاً حقيقياً؛ لأدرك حقيقة وتاريخ دول الخليج ومدى ذكاء ودهاء الإنسان «البدوي» فيها الذي صنع من اللا شيء كل شيء حتى وصل إلى ما وصل إليه الآن من تطور ونهضة شملت الإنسان والمكان، ولكنه وقع في فخ التفكير الجمعي والخطاب العامي وردد ما يرددون دون معرفة مما يدل أيضاً على عدم صلاحيته للمكان الذي يترأسه، فالوزراء نعدهم من النخب الثقافية ووزراء الخارجية تحديداً لا بد أن يكونوا مستودعاً هائلاً من المعرفة والثقافات وبروتوكولات الشعوب الأخرى.

فما فعله شربل من رأيي يعد «سقطة» ثقافية توحي إلى أن المثقف اللبناني ما زال يدور في فلك نفسه ويرتدي الأفكار العتيقة الشعبية الواهمة التي بادت والتي أصلاً لم تكن موجودة، وبالتأكيد أنا لا أعمم، ولكن شربل هو الصورة التي ظهرت لنا كنموذج ثقافي نخبوي.

ختاماً.. من المؤسف أننا نرى لبنان يتراجع في كل شيء حتى على مستوى الإنسان المثقف.. المثقف الحزبي انتهى زمنه.