-A +A
منى المالكي
القارئ الجيد والمهتم بدراسة تفاصيل رؤية المملكة 2030 وبرامجها المتعددة، يجد كماً هائلاً من الفرص، فرص العمل الحقيقية التي تذهب بك إلى عالم مختلف ومتعدد في الاختيار من فرص وظائف المستقبل، فالبعد عن التقليدية والتمكن من المهارات المختلفة المطلوبة لجودة العمل هما الجناحان للتحليق في سماء هذه الفرص الخلاقة، التعامل مع هذا الاختلاف والتفرد هو مهارة في حد ذاته، نعترف أنها فرص صادمة للبعض لأنها غير ممارسة في سوق العمل ولم يدرس مهماتها جامعياً، ولم يسمع بها إلا في أفلام هوليوود مثلاُ كمهنة «الوكيل الأدبي»، فقد كانت الأفلام الأمريكية تروج لهذه المهنة في قصص كبار الكتاب العالميين، وكيف يلعب الوكيل الأدبي المهمة الرئيسة في العمل الإبداعي إنتاجاً وتسويقاً، بينما كنا طوال الفيلم نتساءل ما علاقة هذا الوكيل بالكاتب والكتاب!

ظهرت هذه المفردة «الوكيل الأدبي» عندما أعلن صاحب السمو الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان آل سعود، وزير الثقافة، إصدار التراخيص لممارسة المهن الثقافية ومن ضمنها إصدار رخصتين في نطاق عمل هيئة الأدب والنشر والترجمة، وهما: ترخيص نشاط الوكالة الأدبية، ورخصة الوكيل الأدبي. من هنا بدأت هيئة الأدب والنشر والترجمة في رسم إستراتيجيتها ووضع خطة مفصلة لمعالجة التحديات التي تواجه الممارسين في القطاعات الثلاثة: (الأدب، والنشر، والترجمة)، تقع مهمة الوكيل الأدبي في منطقة النشر، فالاهتمام بقطاع النشر ووضع البنية التشريعية والنظامية لمنظومة «الوكيل الأدبي» هو حجر الزاوية لتلك المنظومة التي تمنح الكُتاَّب علاقة تعاقدية تحفظ حقوقهم وترعى مصالحهم أثناء عملية النشر وما بعدها، وهذا يؤدي إلى زيادة الاحترافية في صناعة النشر في المملكة. ويدخل في نطاق النشر، جميع الأعمال الإبداعية وصناعة المحتوى، من كتاب ورسامين ومدققين ومحررين وناشرين وموزعين وبائعين، لتختصر الكثير من الوقت والجهد.


هذا كله يجعل الكاتب يتفرغ لأداء مهمته العظيمة مهمة الكتابة بإخلاص وتفرد بعيداً عن هموم النشر ونسب المبيعات وترجمة الكتاب والتسويق له، هذه المهمات لا يتقنها الكاتب هي مهارات ومهمة عمل يتقنها «الوكيل الأدبي» الذي يسعى لتسويق الكتاب وترجمته وتحويله لفيلم سينمائي أو عمل مسرحي مثلاً، وله نسبة من تسويقه، وهذا ما يجعله يضاعف من مهمته حتى ترتفع أسهم الكتاب ودار النشر. إذن المقولة السابقة إن «الأدب ما يوكل عيش» أصبحت من الماضي، كذلك المقولة التراثية الشهيرة التي ترمز إلى فقر من امتهن الأدب بالتعليق على سوء حالته المعيشية أنه «أدركته حرفة الأدب» أصبح كلاماً بالياً عندما تدرك أهمية خلق الفرص الوظيفية الجديدة التي تتماشى والعصر الحالي.

سيردد البعض المقولة الشهيرة «الناس لا تقرأ» فكيف سنحقق الإيرادات والمبيعات من منتج لا سوق له أساساً! تقول الرئيسة التنفيذية الأمريكية لشركة Penguin Random House السيدة ماكنتوش أهمية الكتاب في ظل جائحة كوفيد 19: «كان الناس يشاهدون كثيراً من Netflix لكنهم احتاجوا بعد ذلك إلى استراحة من Netflix، فالكتاب هو المنتج الأكثر تفرداً وجمالاً في التصميم ليكون معك في وضع الإغلاق». المقارنة هنا ليست في صالحنا أيضا هذا ما يقوله البعض ولكن إذا علمنا أن مهنة مثل «الوكيل الأدبي» بدأت في عام 1920م في الغرب، تهون عندنا البداية الصعبة لمثل هذه الفرصة الوظيفية التي يتردد البعض بالقبول بها، وهذا ما تظهره بعض التحقيقات الصحفية مع بعض الكتاب والمثقفين، ولكن استغلال الفرص التي توفرها الرؤية استغلالا سليما والبدء في مواكبة التغييرات الثقافية التي نعيشها هو التحدي الحقيقي.