-A +A
يحيى الامير
ربما سيكون اليمن أحد البلدان القليلة في العالم التي ستحمل معها ذكريات وأحداثاً إيجابية عن عام 2020، هذا العام الصعب هو الذي شهد تنفيذ اتفاق الرياض التاريخي الذي يمثل مرحلة محورية في مشروع استعادة الدولة اليمنية من المليشيات الحوثية الإيرانية، الذي انطلق قبل سنوات عبر تحالف دولي تقوده السعودية وبدعوة من الرئيس اليمني لدعم بلاده في استعادة الشرعية وطرد المليشيات الإرهابية.

التعقيدات الضخمة التي حدثت طيلة الأعوام الماضية والمحاولات الإقليمية والدولية للمتاجرة بالملف اليمني والأخطاء التي حدثت نتيجة صراع بعض القوى السياسية والميدانية اليمنية كلها أحداث جعلت التحالف أكثر إصراراً وإيماناً بأهمية مشروعه في اليمن وبمحورية ما يقوم به من أجل اليمن واليمينيين أولاً ومن أجل السلام والاستقرار في الإقليم وفي العالم. العالم الذي أدرك أن أي حل أو إدارة للقضية اليمنية لا يمكن أن يتم إلا من خلال السعودية بصفتها أبرز القوى الإقليمية الأقرب والأكثر استيعاباً لليمن تاريخاً وسياسة وإنساناً وأن الأهمية الملاحية والأهمية الجيواقتصادية لليمن لا يمكن حمايتها وتوجيهها لخدمة العالم واستقراره إلا من خلال قوة سياسية ذات ثقل دولي وإقليمي وذات مسؤولية عالمية، ولهذا واصلت المملكة مشروعها الحيوي لحماية المنطقة وأدارت تحالفات عسكرية وسياسية نوعية واجهت كل التحديات واستطاعت إفشال المشروع الإيراني الميليشياوي التوسعي وانتصرت للدولة الوطنية.


واجه التحالف بقيادة المملكة كل التحديات السياسية والدولية واستطاع حماية الملف اليمني من كل محاولات استغلاله في مختلف المعارك السياسية الدولية والإقليمية واستطاع التحالف مواجهة كل المؤامرات التي استهدفت جعل اليمن ساحة لصراعاتها السياسية والإقليمية. ثم وصل التحالف إلى مواجهة التحدي الكبير والمتمثل في إعادة توجيه التركيبة السياسية اليمنية ودعمها لتنخرط ضمن مشروع وطني واحد، حدث ذلك بعد كثير من الأحداث والتعقيدات التي شهدها اليمن بين مختلف القوى السياسية والعسكرية.

لقد مثل اتفاق الرياض لحظة فارقة وحاسمة في مشروع استعادة الدولة اليمنية، إن أية مواجهة للمشروع الإيراني في اليمن لا يمكن أن تتم في واقع سياسي وعسكري يتقاتل داخلياً ويمثل تشويشاً كبيراً على مشروع الدولة وعلى يمن المستقبل. ذلك الاقتتال الداخلي الذي مثل فرصة كبرى لكل القوى الإقليمية المناهضة لمشروع التحالف والمناهضة للدولة الوطنية اليمنية.

لقد جاء اتفاق الرياض ليمثل أعمق لحظة لإدارة ودعم القوى السياسية اليمنية وتوجيه كل إمكاناتها لتنخرط ضمن مشروع الدولة.

دخل اتفاق الرياض حيز التنفيذ؛ تشكيل حكومة كفاءات سياسية تضم كامل الطيف اليمني وتتحرك في مسارات ثلاثة: السياسي والعسكري والتنموي، وتنخرط فيها كل القوى اليمنية شمالية وجنوبية، شرعية وانتقالية، يجمعها الإيمان بالمشروع الوطني اليمني.

أدركت كل القوى السياسية الوطنية في اليمن أن الخصم الحقيقي يتمثل في المشروع الإيراني الطائفي الذي سيجعل اليمن دون أفق مستقبلي وسيحولها إلى دولة فاشلة، وبالتالي فالمعركة الكبرى لليمن تكمن في مواجهة ذلك المشروع وفي الانخراط في مشروع استعادة الدولة الذي يقوده التحالف.

التشكيلة الحكومية اليوم في اليمن هي تشكيلة وطنية لا تنتصر لحزب أو لجماعة وتؤسس لبناء كيان وطني يحتفي بما فيه من تنوع وتعدد ويجعل منه عامل قوة لا عامل اختلاف.

إن ثبات ونجاح التركيبة السياسية الحكومية في اليمن من شأنه أن يعيد تشكيل الداخل اليمني بكل قواه للالتفاف حول مشروع الدولة الوطنية التنموية وسيعزز قيم الوحدة ومواجهة الإرهاب.

لقد أسست المملكة تحالفاً نوعياً وأدارت من خلاله أحد أبرز التحديات في المنطقة والعالم، وسيستمر التحالف في مواجهة كل الأخطار والتحديات التي تواجه استقرار اليمن داخلياً وخارجياً. ولن يتهاون في تحقيق ذلك مهما كانت التحديات والمواجهات.

لقد بدأ التحالف بقيادة المملكة مشروعه في اليمن برؤية متكاملة عسكرية وأمنية وتنموية، وسيواصل التحالف مسؤولياته تجاه اليمن وتجاه العالم وسيعزز من قيمة الدولة ويسهم في أن تنعكس التطورات الأخيرة على الحياة العامة، وأن تمثل اللحظة الراهنة إطلاقاً وتفعيلاً للمشروع اليمني الوطني الذي يواجه الخطر الأكبر، ويتطلع لمستقبل أفضل في وسط إقليمي يتحرك فيه محوران: محور الاستقرار والتنمية والمستقبل والوطنية ومحور الفوضى والتطرف والمشاريع التوسعية.

إنها اللحظة المحورية في التاريخ اليمني باتجاه استعادة الدولة والاستقرار والمستقبل وإفشال المشروع الإيراني التوسعي والانتصار للإنسان والدولة والتنمية.

كاتب سعودي

yahyaalameer@