-A +A
حمود أبو طالب
كيف كنا؟ وما الذي كان يحدث لنا؟ وبصيغة أصح كيف كانت البلد تمضي رغم كل النهب والسلب للمال العام؟ ومن هم الذين هيأوا أرضية خصبة لممارسة الفساد بتصميم أنظمة مليئة بالثغرات التي تسهّل الاعتداء على مقدرات الوطن بكل جرأة وثقة وطمأنينة؟ وكيف تم تعطيل قوانين الرقابة والمحاسبة الهشة أصلاً، والتي كانت تمارس شجاعة في تعقب الصغار الهامشيين من الفاسدين وتغض البصر عن كبارهم، وتطارد الجرذان التي تخطف ما تيسر في جحور الفساد لكنها تترك القطط السمان تزداد سمنة؟

إنها أسئلة موجعة تفور على كل لسان ونحن نسمع عن كل قصة جديدة للفساد يتم الكشف عنها بشكل يشبه المسلسل المتواصل. أقول هذا الكلام بعد خبر جديد يفيد بأن هيئة الرقابة ومكافحة الفساد السعودية باشرت 158 قضية جنائية، خلال الفترة الماضية، أطرافها 226 مواطناً ومقيماً، مشيرة إلى أنها تعمل لاسترداد نحو 328 مليون دولار (1.229 مليار ريال) من قضية واحدة. تخيلوا أكثر من مليار ريال فقط في قضية واحدة، أصحابها مسؤولون كبار، أو كانوا كباراً بينما هم في الحقيقة صغار جداً وحقيرون جداً لأنهم خانوا الأمانة والصلاحيات الكبيرة التي أعطيت لهم من الدولة لأجل خدمة الوطن والمواطن.


أكرر التذكير بأن هذا المبلغ في قضية واحدة فقط ضمن 158 خلال الفترة التي تم الإعلان عنها مؤخراً، فكم سيكون المبلغ إذا أضيف له ما سوف يسترد من الـ157 قضية الباقية، وكم هي المبالغ التي تم استردادها منذ بدء الحملة على الفساد وكم سوف يسترد مع استمرار الحملة.

لقد كنا في كارثة أوشكت أن تفلس خزينة الدولة، ناهيكم عن الدمار الذي أحدثته في المشاريع. إن مربط الفرس وبيت القصيد في هذه الحملة المباركة أنها لا يجب أن تكون حملة الدولة وحدها، بل حملة الوطن بمواطنيه دون استثناء، ودون تردد، فالفاسدون هم خصوم المواطن قبل أن يكونوا خصوم الدولة، والمال هو مال المواطن أولاً وأخيراً.

سجلوا في مفكراتكم كل وسائل التواصل مع هيئة الرقابة ومكافحة الفساد، ولا تترددوا في القيام بواجبكم الوطني.

habutalib@hotmail.com