-A +A
محمد الساعد
فجأة ومن غير مقدمات وقبل أسبوعين فقط من الانتخابات الأمريكية يعود داعش للحياة وتبدأ التفجيرات في المدن والشوارع الأوروبية، ويتفجر صراع عسكري بين أرمينيا وأذربيجان.

هل هي مصادفة، أم هي بالفعل إفرازات لاحتقان عابر سرعان ما ينتهي وتنتهي آثاره الإرهابية.


أم أن «الدولة العميقة» في العالم -كما تسمى- تريد العودة للعمل «حسب الدفاتر» كما كانت قبل مجيء الرئيس الأمريكي دونالد ترمب الذي وصل لحكم أهم وأقوى دولة في العالم هكذا في غفلة وبشكل غير متوقع، الذي حيرها ولم تعرف كيف تعمل ماكيناتها في حضرته، فجمدت نشاطها حتى مغادرته للبيت الأبيض، حتى تحول إخراجه من خيار انتخابي للأمريكان إلى رغبة لإزاحته بشتى الطرق من خصومه في العالم وخاصة أوروبا والصين واليسار العالمي.

كأن هناك من يرتب ويحضر المسرح ليعود كما كان «حروب. ثورات. احتجاجات. أعمال إرهابية». وكأنها استراحة مؤقتة بسبب رجل قُدر له أن يحكم أقوى دولة في العالم، لم يكن أبداً من داخل المؤسسات ولا يعرف كيف يعمل بقوانينها وإرشاداتها وتنازلاتها بل وجرائمها، ولم تسمح له شخصيته المنفردة أن يكون واجهة للمؤسسات الخلفية التي تدير المشهد، فعاش طوال الأربع سنوات التي حكم فيها منفصلاً عنهم.

من يقول إن الأوروبيين لا يريدون الإرهاب وإنهم متضررون منه ويريدون استئصاله، الإرهاب أيها السادة صناعة مربحة للكثير من المنتفعين ولصوص الحياة، مثل الدواء وأسواق المال والسلاح.. الخ، يدر الأرباح والنفوذ والمكانة للعاملين فيه -هل نسينا مليارات سعد الجبري- إنها نفس القصة ففي كل بلد أوروبي يوجد سعد جبري ولكن بعيون خضراء وشعر أشقر يدير الإرهاب في بلده لصالح قوى تستفيد من الحالة الإرهابية وتنمو مصالحها من خلالها، وفي أحيان كثيرة يخطط هو للأعمال الإرهابية والقضاء عليها في الوقت نفسه.

بعض الأجهزة الأمنية تريد الإرهاب وليس لديها الرغبة في الإجهاز عليه، يتم تقليم رؤوسه مثلما تقلم الأشجار لتنمو من جديد، تفعل ذلك لتبرر وجودها وتمرر طلب ميزانيات مرتفعة، والأهم السماح لها بالصرف خارج المسارات المالية القانونية بمبرر تجفيف منابعه.

السعودية صرحت أنها أبلغت بريطانيا عام 2005 بعمل إرهابي كان على وشك الوقوع، التحذير جاء من جهاز الاستخبارات السعودية التي رصدت التحضير للعملية، ونقلت صحيفة «الاوبزرفر» البريطانية عن مسؤول سعودي أمني في الرياض قوله إن معلومات عامة بهذا الخصوص كانت قد نقلت إلى أجهزة الاستخبارات الداخلية (ام اي 5) وجهاز الاستخبارات الخارجية (ام اي 6). وأضافت الصحيفة أن هذا التحذير الذي تم تبليغه إلى الأجهزة البريطانية، يستند إلى اتصالات هاتفية بين مغربيين ينتميان إلى تنظيم القاعدة كانا قتلا خلال مواجهات منفصلة مع قوات الأمن السعودية، لكن أجهزة الأمن البريطانية لم تتفاعل مع التحذير وما نتج عنه من عمل إرهابي عرف في ما بعد باعتداءات 7 يوليو التي أسفرت عن أسوأ جريمة جرى تنفيذها في العاصمة لندن راح ضحيتها العشرات من المدنيين من مستخدمي القطارات والحافلات.

بالطبع الكل يعلم لماذا لم تتحرك الأجهزة الأمنية البريطانية لمتابعة التحذير، لأنه يهمها أن تغمض عينها عن العملية لتستفيد من نتائجها لاحقاً إما سياسياً أو مالياً.

إذن ما حصل من هدنة مؤقتة بين صانعي السياسة والحروب والثورات والإرهاب ستنتهي، وسيعود العالم إلى ما كان عليه من صراعات وأزمات وعمليات إرهاب عابرة وأزمات دبلوماسية قبل عام 2016، لكي تتحرك الأزمات وما يتبعها من أموال ونفوذ وأجندات للوصول في نهاية الأمر إلى دولة اليسار العالمية الرقمية التي ستتحكم في حياة الناس ومصيرهم.

كاتب سعودي

massaaed@