-A +A
عبده خال
ليلة أمس حلمت أنني امتلكت كل العماير والمتاجر والمولات، والأراضي البيضاء، والسوداء، الممتدة من شارع الأندلس إلى مقر بيتي، الكائن في آخر نقطة تفصل بين جدة، وطريق المدينة المنورة شمالاً.

قلت (حلمت) لأني نمت على نية (السرقة)، لذلك لا بد من استبدال مفردة (حلمت) بمفردة (سرقت).


في حالات أحلام اليقظة، تتبدل الصور بين النوم واليقظة، وكلها تركض خلف المستحيل، كما أن الكلام الكثير الذي تسمعه عن امتلاك البعض للمليارات من غير وجهة حق تسرع باستحضار أحلام اليقظة، ولا أخفيكم فقد كتبت ذات مرة مقالة بعنوان (نفسي أسرق)، وكان الحائل دون تنفيذ تلك الرغبة عدم وجودي في أي مرفق أستطيع من خلاله تدبر عملية سرقة، تكفي أموالها أن أعيش أنا والجيل الخامس من أحفادي، تلك المقالة مضت ولَم يبطل نواياها أحد، وتتجدد كلما سمعت بأنواع الاحتيال أو التمرير لأن يسرق الكحل من العين.

وقد فكرت ملياً بالاستعانة بالجن، فمهما سرقت، وتم ضبطي، يمكن لي أن أقف في المحكمة متهماً الجن أن لهم اليد الطولى في ما سرقت، ويمكن ساعتها أن أحصل على البراءة أو يتم إلقاء المشاركين من الجن إلى غياهب السجون!

وبمجرد أن أفقت، نفضت أحلامي، وحاسبت نفسي، مقرعاً إياها ومستمهلاً نشاط أحلامها بأنها لن تصل إلى مداها حتى لو عرجت للسماء.

وتأكدت من هذا وأنا أقرأ خبراً بأن هيئة مكافحة الفساد أطاحت بموظفين في وظائف مرموقة بقطاعات عدة بالدولة، لتورُّطهم في قضايا رشوة وفساد في عدة مواقع، وفِي الخبر وجدت شخصاً أفرط في النوم والأحلام مثلي تماماً، هذا الحالم قام بالاستيلاء (أو سرقة) 169 مليوناً وربع المليون متر مربع !

ووجدت نفسي تلاحقني ندما قائلة ما سرقت من أول الآن تريد أن تسرق؟

المهم غلفت أحلامي ولَم أمزقها، وأخذت أقرأ بقية الخبر لأجد أن أحد أعضاء هيئة مكافحة الفساد تم القبض عليه، فأخذت أردد أبياتاً من قصيدة للشاعر الجميل عبدالله الخزمري:

كل شي بثمن إلا الأماني بلاش

احلمي يا عيوني قد ما تقدرين

ومد يا ساق طولك إلين حد الفراش

وإن تعديت طولك عاقبتك السنين.

كاتب سعودي

abdookhal2@yahoo.com