-A +A
فواز الشريف
كنت في كثير من المرات أؤكد على أن كرة القدم إجمالا عمل فكري رياضي، يعدّ وجهاً من أوجه الثقافة، وهو ما جعلها تولد فتنمو فتعيش فتصبح حضارة العالم، وتحتل هذه المكانة على غيرها من الرياضات، وتحتمل أيضا أوجهاً متعددة أخرى لا يتسع المقام لذكرها.

إن كرة القدم فرضت نفسها على أدباء العالم من شعراء وكتاب وفنانين حتى أضحت واحدة من معالم الكرة الأرضية كالجبال والبحار واليابسة وكرة القدم، وصدر في حقها وعنها وفي شأنها الكثير من القصائد والروايات والقصص الأدبية، وتحولت من دائرية الشكل في الملعب إلى مكعبة الأضلاع بصورة ثلاثية الأبعاد، يمكن أن تطوف بها من اتجاهات مختلفة لكنها تفوق الاتجاهات الكونية، وكنت دوماً أشير إلى الساحرة المستديرة بأن قوة ميتافيزيقية تدفعها لهذه المكانة ولهذا التأثير.


لقد جاء الإعلان الثنائي فيما بين وزارة الرياضة ووزارة الثقافة لإطلاق مبادرة عام الخط العربي ليكون ضمن مبادرات دوري محمد بن سلمان لكرة القدم، ويتمثل في كتابة أسماء اللاعبين على قمصان أنديتهم باللغة العربية هي واحدة من الثنائيات التي يعمد سمو سيدي ولي العهد الأمين الأمير محمد بن سلمان (حفظه الله) على تأسيسها وتفعيلها بين عدد من الهيئات والوزارات مثل ما يحدث الآن بين الثقافة والرياضة، وبين الترفيه والسياحة، والترفيه والرياضة وقد شهدناها سابقاً.

هذه الثنائيات لا تقتصر على ذلك، فكثير من الجهات الخدمية والسياسية والاقتصادية سارت على ذات النمط وذات الفكرة في برامج أخرى، منها ما هو معلن ومعروف، ومنها غير ذلك، الأمر الذي يؤكد أن المجالس العليا لكثير من القطاعات هي في الأساس تمثل مقام الرأس للجسد، ومقام الفكرة للهيكلة القائمة على أعلى مستوى من التخطيط والدراسة والتوجيه، يقابلها مستوى الأداء والتنفيذ.

وللحقيقة نكتب، فإن وزارة الثقافة السعودية حققت في وقت قصير العديد من الإنجازات والمكتسبات المحلية والدولية بالحفاظ والإبراز للإرث الثقافي والإنساني السعودي على كافة الأصعدة، كما هو الحال بالنسبة لوزارة الرياضة، وبرغم أني أعتبر الرياضة ثقافة كما هو الحال بالنسبة للترفيه والسياحة والعديد من الأعمال الأخرى دون ذلك، فإن هذه المبادرات تحقق الهدف الأسمى من توحيد الجهود والميزانيات بما يخدم صالح الوطن عامة.

إن هذه اللمسة الثقافية على مستوى دورينا في كرة القدم، والتفاعل البارز من القطاع الرياضي بكل جماهيره التي تمثل شرائح المجتمع علها تكون مفتاحاً مهماً لخلق ما يعرف بالاتحاد السعودي للثقافة الرياضية على غرار الاتحادات الدولية والعربية التي تهتم بشأن الرياضة كمفهوم حياة والرياضة كثقافة، وهو ما يسعى الاتحاد السعودي للرياضة المجتمعية للسير نحوه والعمل بمقتضاه.

فالثقافة الرياضية خطوة مهمة لا يمكن التنازل عنها في دولة فتية مثل السعودية التي تعيش أجمل مراحل تحقيق رؤيتها الخلاقة والمبدعة على مستوى دول العالم، خاصة في جوانب التشجيع والمؤازرة نحو توسيع أفق المساحة الرحبة التي تقبل جدليات عالم كرة القدم بكل هدوء وحفاوة فيما بين مناصري الأندية، أو في ما يتم تداوله على مستوى الإعلام الرياضي، خاصة إذا عرفنا أن هناك جهوداً كبيرة يقدمها اتحاد الإعلام الرياضي ستؤتي أكلها قريباً بمشيئة الله.

@FawazAlshreef