-A +A
منى العتيبي
شهدت مواقع التواصل الاجتماعي وميادين الحوار والنقاش جدلًا واسعًا عن تحديد التراث والموروث الشعبي السعودي في أغلب المحافظات والمناطق في بلادنا الحبيبة، وكذلك عن بعض العادات والتقاليد الموروثة، وطال الجدل كل موروث دخيل على هوية الموروث الشعبي السعودي وما زال قائماً من بعض المجتهدين الذين يفتقرون أحيانًا إلى المصادر المعرفية الموثوقة.

وعبر النظرة الواقعية للأحداث أجد أن أحد الأسباب المهمة التي دعت كل موروث دخيل يسطو على هويتنا ويتصور البعض بأنه فعلاً جزء من موروثنا الشعبي؛ هو غياب الموروث الشعبي السعودي؛ حيث إن أكثر أجدادنا الّذين تمدنوا وأحبوا الحياة المدنيّة وطوروا من عاداتهم وتقاليدهم الموروثة وعلى رأسها الزي الشعبي هجروا أزياءهم المورثة ولا نراها في المناسبات، فقد جاءت فترة كنا نحضر المناسبات الرسمية وغير الرسمية وأيضا مناسبات الأعياد ولا نرى غير أزياء تاريخية ليست من الموروث الشعبي السعودي التاريخي، وهذا شيء جميل في أن يتمسكوا بأزيائهم الأصيلة ولكن غير الجميل في الموضوع أن أبناءنا مع مرور الزمن توهموا بأن هذه الأزياء هي فعلاً من موروث هذه المدينة أو هذه المنطقة السعودية حتى تضخم أمر هذا التوقع وأصبح حقيقة مطلقة فصار ما صار من جدل!


وطالما نحن في مرحلة الازدهار السياحي المنفتح على العالم كلّه الذي قد يأتي متلهفاً لرؤية ولمعرفة موروثنا الشعبي والثقافي وتفاصيل هويتنا الأصيلة؛ أرى بأنه جاء دور وزارة الثقافة لتوثيق موروثنا الشعبي والتاريخي السعودي.. فتوثيق كل ذلك بمصادر مؤكدة من شأنها إنهاء جدل المجتهدين وتوثيق هوية محافظات ومناطق المملكة الحبيبة، وسد باب النزاعات التي قد تصنع عنصريات وأطروحات كاذبة لا تمس أصالة موروثنا الثقافي وإرثنا التاريخي..

إن عدم المبادرة بالتوثيق وتحديد هوية كل محافظة ومنطقة ثقافياً وتاريخياً سيجعل الباب مفتوحاً لكل دخيل قادم يوثق في مخيلة الأجيال القادمة بأنه فعلاً هذا هو إرثهم الشعبي، وبذلك تضيع الأجيال بين الحقيقة والوهم الذي تراه.

كاتبة سعودية

monaotib@

Mona.Mz.Al@Gmail.Com