-A +A
حمود أبو طالب
لم نكمل أسبوعاً على رفع المنع جزئياً وبدء إعادة تشغيل المرافق وفتح المساجد حتى عمت الفوضى بتجاهل التعليمات والتحذيرات والرجاءات التي عممتها وزارة الصحة، وشددت عليها باعتبارها شرطاً للاستمرار في ترتيبات العودة التدريجية للحياة الطبيعية، ورغم علمنا التام بأن عدم الالتزام بها يعني إعادة النظر في كل القرارات التي صدرت، والعودة إلى ما كنا عليه.

اتضح أننا سجلنا فشلاً كبيراً منذ اليوم الأول، وتشهد على ذلك المعلومات والصور التي تم رصدها في كل المناطق، وخصوصاً المدن الكبرى، وبالأخص مدينتي الرياض وجدة، فذلك الاندفاع غير المنضبط للأماكن العامة وتبادل الزيارات العائلية دون التزام بشروط الوقاية، كان كافياً للجزم بأننا سنعود سريعاً إلى نقطة البداية، ولكن بعدد حالات كبير من الإصابة بالعدوى، وضغط على المرافق الصحية، وهذا ما حدث بالفعل، فقد أعيد المنع إلى مدينة جدة يوم الجمعة، وغالباً ستتبعها الرياض وربما غيرها.


الخطر الكبير ليس افتراضياً الآن بل حقيقي، وليس سراً أن أقسام العناية المركزة في مدينتي جدة والرياض أصبحت مزدحمة بالحالات، حتى من متوسطي الأعمار وغير المصابين بأمراض مزمنة، وسوف تضيف لها إحصاءات الأيام القليلة الماضية أرقاماً كبيرة بعد ظهور نتائج الفحوصات، وذلك يعني بوضوح الدفع بالنظام الصحي إلى منطقة الخطر وحدوث انهيار لا سمح الله.

كل اشتراطات وبروتوكولات العودة جيدة نظرياً، لكن اتضح أن تطبيقها كان سيئاً في كل المواقع، الأماكن العامة، المساجد، المجمعات التجارية، المطاعم والأسواق، المرافق الحكومية ومؤسسات القطاع الخاص، وقد حدث ذلك دون ردع ورقابة صارمة وتطبيق العقوبات المقررة، ما يعني أنها دون جدوى وكأنها غير موجودة.

لقد اتضح الآن للأسف أن الرهان على الوعي هو أقرب إلى المقامرة بصحة المجتمع والمخاطرة بعواقب وخيمة تطال النظام الصحي والاقتصادي وكل مقدرات الوطن، ولذلك يجب إعادة تقييم الوضع برمته وبدء العمل باستراتيجية تمنع هذا الخطر المحدق بنا.

كاتب سعودي