-A +A
طارق الحميد
منذ بدء العزل وأنا أنصح أبنائي بأمرين؛ الأول عدم التفكير بالعزل، والجائحة، وإنما التركيز على الوقاية، وهذا لا يتحقق إلا بفعل الأمر الثاني، وهو تعلم شيء جديد. ودائما ما أحذرهم من أن ينتهي العزل دون تعلم جديد، والاكتفاء بمقولة قضينا العزل في القراءة، ومشاهدة الأفلام!

عن نفسي قمت بتأسيس ستديو تلفزيوني مصغر بمنزلي، وأسميته صالون سكايب. وتعلمت تأسيس الاستديو المصغر عبر قنوات متخصصة في اليوتيوب، ومن خلال البحث، وقبلها نصائح متخصصين. واستفدت من أجواء ذلك الاستديو بتقديم محاضرة عن بعد، عبر زوم، مع الاتحاد السعودي للإعلام الرياضي، بتنسيق مع أكاديمية الأمير أحمد بن سلمان، حول «مواجهة الشائعات إعلاميا في منصات التواصل الإليكترونية».


وجددت تلك المحاضرة قناعتي بأهمية التدريب للإعلاميين، وأهمية الجهد الذي يقوم به الإعلامي الجاد، والرصين، الدكتور رجاء الله السلمي، رئيس الاتحاد السعودي للإعلام الرياضي، من خلال الدورات المكثفة للصحافيين، وطلاب الإعلام، والمهتمين، وهو ما يستحق الدعم الحقيقي.

وعبر صالون سكايب، قمت بإجراء حوارات مختلفة، للتعلم الذاتي، مع متخصصين من السعودية، والكويت، ومصر، وبريطانيا، وأميركا، وهي عبارة عن نقاش لمدة ساعة، كل ثلاثة أيام من الأسبوع، ليشرح المتخصصون ما أنجزوه، وآخر مستجدات تخصصهم من خلال استخدام برنامج سكايب.

بعض الحوارات كان عن مراكز الأبحاث والدراسات في أميركا، ودورها، وخصوصا المراكز المهتمة بمنطقتنا. وحوار آخر حول كيفية تأليف كتاب متخصص. وحوار آخر حول تأليف الروايات من واقع صحفي.

بمعنى آن بعض المعلومات، وخصوصا الأمنية، بمكافحة الإرهاب، مثلا، تقدم لبعض الصحافيين المتخصصين من باب الشرح، وليس للنشر، فيعمد بعض الصحافيين إلى استخدام تلك المعلومات في روايات يتحول بعضها إلى أعمال سينمائية، أو درامية.

وموضوع آخر حول تصميم الاستديوهات التلفزيونية، واستخدام الضوء، وكان الضيف يتحدث عبر سكايب من داخل غرفة أخبار إحدى الوكالات العالمية. وحوار آخر حول تطور الصحافة باستخدام مستجدات التقنية.

والحقيقة أن تلك الحوارات، والتي امتدت إلى أواخر هذا الشهر الفضيل، كانت بمثابة دورات مكثفة للتعلم من متخصصين، وعبر ما أسميته بصالون سكايب. وما لمسته، وتعلمته، أن كل متخصص يسعد، ويمنحك الفرصة لتنهل من معرفته طالما كنت تواقا، وساعيا لذلك.

وأعتقد لولا العزلة الإجبارية، والتي هي بمثابة محطة تأمل، وتعلم، كان من الصعب أن يجد الإنسان فرصة لتطوير ذاته وسط نمط حياة متسارع، والتزامات بعضها وهمي. ولذا على الإنسان أن يحاول دائما تعلم الجديد، وأن يتعلم كيف يضيء شمعة بدلا من أن يلعن الظلام.

وإلى لقاء بإذن الله بعد العيد، ومن العايدين الفائزين، وكل عام وأنتم بخير.

* كاتب سعودي

tariq@al-homayed.com