-A +A
بشرى فيصل السباعي
إحدى أهم نظريات علم النفس نظرية «اللاوعي الجماعي» وتقول إن كل المعارف والخبرات التي يعيشها البشر بأي مكان في العالم ومهما كانوا معزولين فهي تصبح جزءا من الإرث اللاواعي لكل البشرية ويولد لدى البشر قابليات وميول باتجاه أنماط ذلك الموروث وتتبدى تلك «الذاكرة الجمعية» بأوضح صورة برموز أحلام المنام والقصص الأسطورية والمعتقدات الشعبية، وجاء عالم الكيمياء الحيوية البريطاني د.روبرت شيلدرك وأثبت وجود هذا الخاصية ليس فقط بالبشر بل بكل الكائنات فكل نوع له «ذاكرة جماعية» أسماها «Morphic Resonance-التردد التشكلي/‏السيميائي» وبتجربة؛ تم تعليم قرود بجزيرة معزولة مهارة محددة والنتيجة أفراد نوعها بكل العالم اكتسبوها، فالنظرية تفسر سبب تشابه الظواهر الاجتماعية بكل المجتمعات مهما كانت معزولة كالنظرة العنصرية للمرأة ومعاملتها على أنها تجسد للخطيئة والشر يوجب حجرها طوال حياتها، وأصلها قصة خطيئة آدم وحواء بالتوراة والتي تختلف جذريا عن القرآن؛ ففي التوراة الشيطان وسوس لحواء وحواء أغوت آدم بالشجرة المحرمة ولهذا تقول التوراة عوقبت النساء بالمكانة الدونية التابعة، بينما القرآن يذكر أن الشيطان وسوس لهما معاً ولا يضع اللوم على حواء، والتوراة تذكر أن سبب سقوط إبليس وجمع من الملائكة -التوراة ليس فيها ذكر للجن- أغوتهم الآدميات فتزاوجوا معهن وأنجبوا «النفليم/‏ الجبابرة» ولإبادتهم حصل طوفان نوح «سفر التكوين 6: 2 -7» وسفر اخنوخ/ ‏إدريس، فبهذا المرأة تسببت بسقوط الرجال/ ‏البشرية والملائكة وإبادة الأرض بالطوفان، بينما القرآن يذكر أن سبب طوفان نوح التكبر على الحق «هود:27»، وسبب سقوط إبليس ليس الشهوة إنما «غرور الأنا/ ‏غرور النفس/ ‏الإيجوــEgo/‏الكبر» كاعتقاد الرجال بأفضليتهم على النساء (قال أنا خير منه)، لكن بعض المسلمين تبعوا «اللاوعي الجمعي» وليس القرآن، وإبليس توعد أن غوايته الأساسية للإنسان ستكون من جنس ما سقط هو بغوايته أي «غرور الأنا» (رب بما أغويتني لأزينن لهم في الأرض ولأغوينهم أجمعين). وغريزة «غرور الأنا» سبب الأنانية والاضطهاد والعنصرية والدكتاتورية والحروب والإرهاب والظلم والتحرش والاغتصاب والعنف الأسري والديماغوجية/ ‏العصبيات والإجرام «أبحاث د.جونثان جلوفر»، وهل الرجال أم النساء الأكثر تورطاً فيها؟ فلا عجب مما ورد بالصحيح (لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر)، ولا توجد خطيئة شهوة عليها هذه العقوبة القصوى، والله قال إن بلاءه للأمم يكون بجنس الخطيئة السائدة فيها (..ويوم لا يسبتون لا تأتيهم كذلك نبلوهم بما كانوا يفسقون)، ولذا سيبقى العرب والمسلمون غارقين بما هم غارقون فيه من كوارث «غرور الأنا» حتى يرتقوا عن ثقافة «غرور الأنا».

* كاتبة سعودية


bushra.sbe@gmail.com