-A +A
حسين شبكشي
لم يدر ببال أم كلثوم عندما غنت «بعيد عنك» أو محمد عبده عندما غنى «البعد طال والنوى» أو نجاة الصغيرة حينما قالت «البعيد عنك قريب» أنهم جميعا كانوا يتحدثون عن أسلوب حياتنا اليوم في 2020. أسلوب حياة غريب، تحولت فيه التطبيقات المختلفة إلى طوق النجاة للتواصل مع العالم الآخر الموجود خارج مساحة الجدران الأربعة للمنازل التي نسكنها. لدي صديق اخترت له اسم «الرجل المطبق الفاخر» في إشارة ساخرة لعدد التطبيقات التي يستخدمها في حياته بشكل يومي، فهو يستيقظ بتطبيق المنبه، ويقرأ القرآن بتطبيق، ويستدل على اتجاه القبلة بتطبيق ويتواصل مع عمله وأبنائه بعدة تطبيقات مختلفة. يعتقد الناس أن هذا الموسم الرمضاني كانت البطولة فيه لقضية التطبيع، وأنا اعترض فالقضية الأهم هي التطبيق، وعليك أن تسأل نفسك يوميا: «هل أنت مطبق»؟، وعلى ما يبدو أنه بطريقة أو بأخرى توجد ظاهرة اسمها «التنمر التطبيقي» فإذا لم يكن لديك عدد التطبيقات الكافي فأنت بالتالي من فصيلة تقع بين الديناصورات ووحيد القرن، وعليه فعليك مضطرا أن تجاهد نفسك لتقاوم «الأمية التطبيقية» وإلا فسيتم تصنيفك بأنك رجعي وقديم ومتخلف وهذا التصنيف طبعا سيكون عن طريق تطبيق! أو كما يقول المثل الجديد جدا (التطبيق وقت الضيق). أهداني صديقي هذا مجموعة من التطبيقات التي من المفروض أن تساعدني على التخفيف من آثار الحظر الكوروني، وهي معنية بالقراءة والاستماع والهوايات وتستمر دهشتي. جائحة كورونا عجلت في تكريس الاعتماد على التطبيقات كعنصر رئيسي لنا في الحياة، وتحول إلى وسيلة لا يمكن الاستغناء عنها في كافة المجالات، واليوم ومع مرور الوقت سيزداد الاعتماد عليها وتصبح العودة إلى حياتنا قبل التطبيقات مسألة في غاية الصعوبة، إلا في حالة قيام أحدهم بإصدار تطبيق يقوم بذلك وهذا لن يكون مستبعدا أو غريبا. أقرأ عن تطبيقات يجري التحضير لها لم تكن في مخيلة أكبر الحالمين ولا لدى أصحاب الخيال الواسع جدا، ولكني حين أرى والدتي وابنتي الصغيرة وحفيدي يستخدمون التطبيقات بكل يسر وسهولة أعي تماما أن الحياة لم تتغيرفحسب، ولكن أسلوب الحياة تبدل وأصبحت التقنية (بتطبيقاتها) مثل الماء والكهرباء لا يمكن الاستغناء عنها أبدا!

* كاتب سعودي


hashobokshi@gmail.com