-A +A
عبداللطيف الضويحي
لا أفشي سرا إذا قلت إنني تفاجأت بالأداء المتقدم والتنسيق العالي بين الأجهزة والمؤسسات الحكومية وغير الحكومية منذ بداية أزمة كورونا، وللأمانة والإنصاف فقد بدأت إرهاصات هذا العمل الدؤوب من الأداء والتنسيق والتناغم والتماهي بين مختلف القطاعات الذي يتجاوز التنسيق الروتيني ويتجاوز اللجان البيروقراطية مع بداية إطلاق رؤية المملكة 2030، ما يجعلني أشهد بأن الأداء الحكومي تغير بشكل يضاهي إن لم يتجاوز عمل وأداء المؤسسات التجارية الربحية.

لكن هذا التقدم في الأداء والتنسيق ما بين الأجهزة والمؤسسات وحتى الأسر والأفراد يتطلب وقفة جادة للاستفادة والاستثمار فيه للمستقبل، لكي لا يصبح تاريخا منسيا بعدما تنقشع العاصفة. هناك حاجة ماسة لتوثيق هذا الإنجاز ويتطلب عملية تقييم محايد للوقوف على كل ما يعتري العمل المؤسساتي الجماعي بالتناغم والتماهي مع القطاع التجاري والمجتمع والأسرة والأفراد.


رغم أن المملكة من أقل الدول التي تأثرت بجائحة كورونا بفضل الإجراءات المبكرة والشاملة والصارمة التي اتخذتها قيادة هذه البلاد، فقد تأثرت الكثير من أهداف الرؤية حيث أثرت أزمة كورونا على كافة مفاصل الحياة والمجتمع وعلى أكثر من صعيد، وتأثرت تبعا لذلك بعض أهداف الرؤية، اقتصاديا وتنمويا وأسريا ومؤسساتيا واجتماعيا، الأمر الذي يستدعي قراءة متأنية لتلك الآثار وتشخيص الأضرار الناتجة عنها.

إن تسجيل تجربة المملكة مع أزمة كورونا من قبل هيئة المحتوى المحلي سوف يسهم بتعميق الاستفادة من هذه التجربة واسترجاعها في أي أزمة. وهذا في تقديري يتطلب أن تقوم الهيئة بتسجيل هذه التجربة وتشخيصها وتقييمها وذلك للاستثمار في محتواها الوطني التراكمي والمعرفي والبناء عليه.

وفي هذا السياق وإنساجا مع توثيق وتشخيص وتقييم التجربة السعودية في مواجه أزمة كورونا، أقترح عقد ورشة وطنية لتكون إحدى أدوات هيئة المحتوى المحلي وذلك لكثرة وتعدد أطراف هذه التجربة الوطنية تشارك بها كافة الأجهزة والمؤسسات الحكومية والجامعات السعودية والشركات والبنوك والمتخصصون والمتطوعون ورواد العمل الاجتماعي والإعلاميون على أن ينبثق عن هذه الورشة مجموعة ورش على مستوى المناطق الإدارية وربما المحافظات التابعة لها.

وسوف يتم توظيف مخرجات هذه الورشة وتلك الورش في الإسهام بصناعة محتوى محلي رأسي وأفقي مثمر، إضافة إلى مجمل الدروس التي يمكن استخلاصها وتوظيفها، سوف تسهم مخرجات الورشة الوطنية هذه برسم ملاح المستقبل وإعادة هيكلة بعض الأهداف التي تأثرت بالأزمة.

لا أحد يستطيع أن يتنبأ بما بعد كورونا، من دون وقفة جادة لدراسة كل المتغيرات والتأثيرات التي أحدثها كورونا في عمق حياة كل مؤسسة وكل فرد، وما أقترحه في الورشة الوطنية هو السبيل الأمثل للوقوف على ما يمكن أن يكون خطوطاً عريضة لرسم خريطة المستقبل القريب والبعيد.

* كاتب سعودي

Dwaihi@agfund.org