-A +A
ماجد قاروب
أقصد معالي رئيس هيئة الرقابة ومكافحة الفساد الأستاذ مازن الكهموس، لتوجيه المزيد من الشكر له على اللقاء التلفزيوني الذي تفضل فيه بالظهور غير التقليدي ليخاطب المجتمع.

ومن النادر أن أكرر مشاهدة لقاء، ولكنني أعدت مشاهدته عدة مرات لأهمية ما جاء به، وكمواطن وكرجل قانون أعجز عن الشكر لمعاليه لجميع الرسائل والمعاني والدلائل التي قدمها في اللقاء.


لقاء يعبر بجلاء عن فكر قانوني اقتصادي عقلاني لصاحبه، لعل أهم ما جاء فيه هو بناء ثقة المجتمع وطمأنته على علاقة الهيئة بالمجتمع ليكون كل أفراده عيونا ساهرة على المال العام والوطن.

حدد معاليه في اللقاء مهام واختصاصات الهيئة، وقدر للقضاء قدره وسلطته، وأكد على أن المتهم بريء حتى صدور الحكم، وأنصف الإداري الشجاع المخلص، وشدد على أن لا أحد سيفلت من العقاب سواء أكان أميراً أو وزيراً وصولاً إلى أصغر موظف في جميع المواقع.

وأظهر معاليه علما واطلاعا ومعرفة بطبيعة الأعمال وكيفية التلاعب بها خاصة في قطاع المقاولات والمشاريع، وأنصف المخلصين ووصم الفاسدين بالقلة ولكنهم للأسف أفسدوا مشاريع التنمية الوطنية عبر عقود حتى وسمت مشاريعنا بالمتعثرة.

وأوضح معاليه أن الفاسدين هم من كل الفئات والقطاعات، وأن البيانات السابقة للقاء أوضحت بأن بعضهم قضاة وكتاب عدل وضباط وموظفون بمختلف الدرجات والفئات حتى في المحاكم، وأنه كما يوجد قاضٍ مرتشٍ هناك رئيس محكمة أبلغ عن فساد وتزوير في محكمة تنفيذ ووزير النقل أبلغ عن قضية فساد.

وأفصح معاليه عن التعاون المشكور مع الوزراء وخص وزير العدل بذلك، وحمل الوزراء مسؤولية مراجعة القوانين واللوائح في تأكيد على أهمية معالجة الفساد التشريعي والحوكمة.

وهذه المسؤولية التي أشار إليها معاليه تضع مسؤولية كبيرة على مجلس الشورى في ضرورة توحيد جهة التشريع، فكم من لائحة تنفيذية عطلت نصوص قوانين، وكم من لوائح داخلية خرجت عن سياقها، وكم من قرارات طُبٍقت بأثر رجعي بالمخالفة للقوانين والعدالة المطلوبة.

ولما كان القضاء ليس بعيداً عن الفساد فإن مجلسي القضاء الإداري والعدلي مُطالبان بمراجعة أجهزة التفتيش والرقابة لتصل إليهما شكاوى المتضررين ليكسب القضاء ثقة المجتمع وكذلك المجتمع الدولي ومنظماته، لكي يتمكن من المساعدة في محاربة الفساد والحصول على قبول دولي في قضايا استرداد الأموال.

والبلديات والتعليم والصحة والنقل والدفاع والداخلية أكبر الميزانيات، حيث يمكن أن ينتشر فايروس الفساد فهو لا يتوقف حتى عن الهيئات والمؤسسات الصغيرة وصولاً للرياضة، مما يؤكد على أهمية القانون ورجاله ويؤكد على أهمية قرار مجلس الوزراء 173 الذي وجه بضرورة تطوير الإدارات القانونية في القطاع الحكومي.

معانٍ كثيرة وكبيرة قانونية وحقوقية تتطلب مراجعة شاملة للقطاع القضائي والحقوقي ومكانة وإمكانيات رجل القانون في القطاعين العام والخاص.

وسأظل عاجزاً عن شكر معالي الأستاذ مازن الكهموس، وأهنئ الإعلامي القدير عبد الله المديفر الذي أصبح الوسيط بين المجتمع والهيئة لإيصال البلاغات، متطلعاً إلى رجل التغيير معالي الأستاذ ماجد الحقيل أن يضع هذا الملف في أولوياته الأساسية بعد أن تأكد للجميع أن البلديات والأمانات تتصدر عدد ونوع قضايا الفساد.

حظي الوطن بقيادة ملك الحزم والعزم سلمان بن عبدالعزيز الذي قرر بتوفيق من الله وبعون من ولي العهد الأمين رجل القانون محمد بن سلمان، أن يقضي على أهم وأخطر آفة وهي الفساد وسخر لها كل الدعم والإمكانيات حفظاً للمجتمع والوطن.

* كاتب سعودي

majedgaroub@