-A +A
مي خالد
«أمازون» تتيح مكتبتها لقصص الأطفال مجاناً حتى موعد عودتهم لمدارسهم وانتهاء العزل الصحي. المكتبة تضم قصصاً بست لغات، ليست إحداها اللغة العربية، وذلك بسبب ندرة المحتوى العربي للأطفال في صورته التقليدية فما بالك بالرقمية.

‫قبل سنوات بعثت لي إحدى الزميلات مسودة عملها الروائي الثالث قبل نشره. وطلبت مني أن أبدي رأيي في النص. ثم حكت لي شفهياً الخط العريض في العمل وأن البطل جاسوس ونصاب دولي شديد الذكاء ويقوم بألاعيب وخطط مدهشة لينجو من فعلته كل مرة. تعجبت جداً وخبت حماستي تجاه قراءة الرواية؛ لأن زميلتي تلك امرأة لا نستطيع أن نقول عنها عبقرية أو مفرطة الذكاء بل هي مثل أغلبنا تتمتع بذكاء جيد، ولكن لا يصل حد العبقرية فكيف ستكتب حكاية شخص عبقري ونصاب وخبيث وكيف ستحاكي أقواله وألاعيبه. ثم بعد أيام من تجنب القراءة والتفكير في المسألة قررت أنه ليس من العدل أن أحكم من الخارج ويجب أن أدخل للرواية كي أعرف جواب سؤالي الملح: هل يستطيع الروائي أن يختلق بطلاً أذكى منه هو شخصياً؟ وتوصلت لجوابين؛ الأول: نعم، عبر المثابرة بالبحث والقراءة والتأمل ومراقبة الأذكياء وقراءة الأبحاث والدراسات التي تتناول جوانب من شخصياتهم وسلوكهم وأنماط معيشتهم والسير الذاتية التي دونوها هم أو ألفها عنهم غيرهم... إلخ. أما الجواب الثاني فهو ما استنتجته من رواية زميلتي التي كانت تكتب في الرواية أن البطل شديد المكر والذكاء ثم تصف أفعاله الساذجة بالصفات الخارقة المدهشة والعجيبة! لكن يبدو أن أحداً غيري أخبرها أن بطل الرواية الماكر ما هو إلا شخصية سطحية ساذجة فقررت أن تمهر الرواية بعنوان جانبي على وجه الغلاف: قصة للناشئة.


هذا تصرف غبي آخر يا عزيزتي!

هي لا تعرف أن الأطفال شديدو الذكاء ويتمتعون بخيال واسع ومدهش. والكتابة لهم أصعب من الكتابة للكبار بسبب عدم انخداعهم بسهولة وأنهم سيكتشفون أن بطل قصتها الماكر هو في الحقيقة رجل غبي، سيكتشفون ذلك أسرع مما اكتشفته أنا!

هذا حال أغلب المؤلفات للناشئة للأسف.

* كاتبة سعودية

may_khaled@hotmail.com

mayk_0_0@