-A +A
حسين شبكشي
لا صوت يعلو فوق صوت كورونا. أيام طويلة من العزلة الاضطرارية الإجبارية الاحترازية. اليوم وساعاته تمر ثقيلة وبطيئة. الأخبار صعبة ومؤلمة. مدن تغلق، ودول تعزل، ودور عبادة تقفل ومحلات تتعطل. مشاهد حيرت العلماء ورجال الدين. عالم جديد. دمار وشلل. توقفت فيها عقارب ساعة الزمن للحياة التي كنا نعرفها. فرصة للتأمل، والمعرفة والاطلاع ونقد الذات وتقييمها. لا أحب فلسفة الأمور وادعاء المعرفة أكثر من غيري، لأني (ولا غيري) قد مر بتجربة مشابهة لما نمر به هذه الأيام في العالم. لكني ما أعلمه أن الأحداث «الكبرى» (وهذه واحدة منها) التي تحصل في العالم، تكون أشبه بنقلة نوعية في أسلوب الحياة والعمل. العزلة الطويلة لا تقل أهمية عن خطورة الفايروس نفسه، ولذلك مطلوب مقاومتها بالإيجابية التي يجب أن تشمل على الحد الأدنى من الرياضة المبسطة والأكل الصحي وشرب الماء والتعبد الإيجابي والترفيه عن النفس والمعرفة والاطلاع والتعلم. الموضوع سيطول وسيكون له آثار مؤلمة صحيا ونفسيا واقتصاديا واجتماعيا. ولكن المجتمعات التي تمر بأزمات وتخرج منها تكون عادة أقوى وأكثر تماسكا. الأزمات مثل التي نمر بها عادة ما تخرج في أولها أقبح ما في الإنسان من عنصرية وتنمر وسوء أخلاق وعدم انصياع للأوامر والتوجيهات، إلا أنه بعد ذلك مع زوال الإنكار والتيقن بعين الحقيقة يبدأ الناس في الهدوء والتعامل بجدية مع الوضع الخطير. نحن الآن في وسط الأزمة، وخيارنا في تطويل المدة أو تقصيرها بالانصياع التام للتعليمات الصارمة، وأن لا نتحمل أبدا كمجتمع تصرفات من يخالف ذلك جاهلا أو متعمدا. خيارنا كمجتمع أن نخرج من هذه المحنة أقوى وأكثر تماسكا إذا ما ارتقينا جميعا، فالمسؤولية مشتركة.

* كاتب سعودي


hashobokshi@gmail.com