-A +A
حمود أبو طالب
ربما يكون فايروس كورونا الجديد من أسوأ الكوارث الصحية التي يواجهها العالم، وهنا نحن لا نتحدث عنه بمعيار الضحايا التي تقل كثيراً إلى الآن عن ضحايا أوبئة بدايات القرن العشرين مثلا، وإنما بالآثار الاقتصادية والنفسية التي تسبب فيها على مستوى العالم دون استثناء، حتى في الدول التي لم تسجل فيها إصابات، ذلك هو المعيار الذي بدأ يزلزل العالم ويصيبه بالهلع أكثر من رعب الموت، إذ لم يعد الموت الفردي أو الجماعي لأي سبب يمثل مصدراً لألم أو حزن لدى صنّاعه.

المؤشرات الحمراء التي تجتاح شاشات بورصات العالم، وتتهاوى عليها أسعار أسهم مختلف الشركات حد الاقتراب من نقطة الانهيار، تصلب شرايين النقل بين دول العالم بفعل حظر السفر إلى بعض الدول، شلل مرافق السياحة وإلغاء حجوزات آلاف الفنادق، تعطل الإنتاجية في شركات كبرى بسبب منع التجمعات البشرية، وغيرها من مظاهر الكساد والتراجع والتذبذب في كثير من جوانب الحياة، هو ما يجعل هذا الفايروس مكلفاً جداً للعالم، وخطيراً جداً على توازنه، فالخسائر التريليونية إلى الآن مرشحة لتصبح أكثر بكثير إذا لم يتحسن الوضع بمعجزة قريبة.


المختبرات الطبية ومراكز الأبحاث الفايروسية في معاقل الدول المتقدمة لا تنام ولا تهدأ منذ أن شعرت بفداحة الفايروس الجديد، ولكن هذا الكائن المجهري ما زال يتحداها إلى الآن، فقد تحدث العلماء قبل يومين عن احتمال ظهور سلالة جينية جديدة منه، غير الأساسية التي ظهرت في الصين، أشد فتكاً بالبشر، ما يضيف مزيداً من التعقيد على الأوضاع، ولكن حتى مع هذه الأنباء السيئة لن يتوقف العمل الدؤوب لاستخراج لقاح بعد حين، الله يعلم حينها كم يكون العالم قد خسر من بشره واقتصاده.

لو كان الأمر صناعة أعتى القاذفات التي لا ترصدها الرادارات من أجل حصد البشر لأخرجتها مصانع السلاح في وقت وجيز، ولكنها قدرة الله التي تجعل كائنا لا يرى من مخلوقاته يضع العالم بأسره في موضع ضعف.

habutalib@hotmail.com