-A +A
بشرى فيصل السباعي
عضويا توجد بعين الإنسان ما تسمى بـ«البقعة العمياء» وهي جزء من الشبكية لا يتضمن مستقبلات بصرية لهذا لا يمكنها رؤية الجزئية المقابلة لها، لكن الإنسان لا يلاحظ فقد الرؤية فيها لأن من أنماط الدماغ التلقائية تعويض أي نقص بالرؤية بما يفترض أن العين يجب أن تراه ولهذا لا يدرك الناس أنه كلما طرفت جفونهم أي أغلقت بالشكل المتكرر اللاإرادي الطبيعي فقدوا رؤية العالم الخارجي لأن الدماغ يعوض من الذاكرة المنظر المفقود، ولذا الأشخاص الذين يعيشون بعزلة حسية يعانون هلوسات بصرية، فالدماغ يحاول تعويض غياب المعلومات البصرية، وفهم آلية عمل الدماغ هذه أساسي لفهم أسباب كل ما هو خاطئ بالناس والعالم أفرادا وجماعات لأن كل ما هو خاطئ بالعالم ناتج عن المعالجات العقلية الآلية اللاواعية للدماغ التي تحاول تعويض «البقع العمياء» فكريا، والتي تعني؛ الجانب الذي يفتقر فيه الإنسان للمعلومات الصحيحة والفهم والمنظور الصحيح للأمور، والنتيجة؛ تفكير خرافي كنظريات المؤامرة وقناعات خاطئة وتصرفات خاطئة كارثية العواقب، وأسباب البقع العمياء فكريا:

* البرمجة المسبقة الخاصة «العائلة، الخبرات الشخصية» والعامة «المناهج، الخطاب الديني والسياسي والثقافي والإعلامي» ونظمها المادية والمعنوية، بالإضافة للبرمجة الغرائزية المشتركة مع الحيوانات التي من أنماطها؛ «التنمر» لفرض الهيمنة والإخضاع ليهيمن الذكر الأشرس على الجماعة بالعنف والترهيب ويستبد بموارد وإناث الجماعة اللاتي يعتبرن بالمنظومة الغرائزية أدنى من الذكور لأنهن لا يخضن صراعات للهيمنة بالعنف، ولذا الذكر المهيمن بجماعة القرود مثلا يستبد بالإناث ويقمعهن، ومن البرمجة الغرائزية الحيوانية؛ المعاملة بالعنف عند الخلاف، قتل أبناء الزوج من زواج سابق، التزاوج للشهوة والتكاثر وليس للحب والإخلاص الزوجي، الحروب والتعصب للجماعة واعتبار من ليس منها عدوا، فجماعات الحيوانات تخوض حروبا ضد غيرها من الجماعات من ذات الفصيلة، وكل جماعة تحدد حدود منطقة سيادتها بنثر الذكر المهيمن لرائحة إفرازاته على حدودها، وثقافة التحضر هي الترفع عن النوازع الغرائزية الحيوانية.


* الانحيازات والعصبيات كاتباع أهواء «غرور الأنا/التكبر/التجبر/العنصرية» والأطماع والشهوات والانفعالات المنفلتة والضغوط والعداوة والتملق والرياء والتبعية للمعتاد والرائج والديماغوجية/الغوغائية/الشعبوية والطاعة العمياء وعقلية القطيع

* نقص المعلومات الصحيحة، والتأويلات الخاطئة لدلالات المعلومات.

* الجهل بآليات التفكير الموضوعي.

* الأنانية والافتقار للإحساس بالآخرين، أي رؤية الأمور من وجهة نظرهم وشعورهم واعتباراتهم.

* السطحية والغرق بالتفاصيل أو تجاهلها وعدم رؤية الصورة الأكبر والأعمق «جوهر الأمر».

* غفلة الوعي عن تقييم «الذات» الفردية والجماعية بشكل موضوعي كأنه يحكم على فرد آخر غير نفسه ويحكم على جماعة غير جماعته.

* كاتبة سعودية

bushra.sbe@gmail.com