-A +A
هاشم داغستاني
المجتمع هو شبكة معقدة من السلوكيات والاعتقادات والمناظير المتنوعة للآراء وحاضنة عجيبة للمفاهيم، فهو حالة يصعب احتواؤها في حدود معينة أو خطابها بلغة محددة، لذلك ومن أجل ذلك تنوعت منابر التغيير المجتمعي لتعين الرياضة كإحدى القنوات الرئيسة والمهمة في صناعة التغيير وقوة دافعة لتعزيز السلوكيات الإيجابية. ما يميز الرياضة عن غيرها من القنوات المؤثرة أنها اللغة البسيطة التي يفهمها المجتمع والكرة التي يتدافعها الأطفال فيما بينهم لتحقيق هدف.

عندما أنظر للرياضة بشمولية أجد في العالم توظيفاً عجيباً لها لتحقيق معالم مهمة وأهداف إستراتيجية لعلاج الفقر أو تحفيز التعلم أو حتى لتخفيض معدل الجريمة. فهي قناة مؤثرة ومرنة، تتشكل مع احتياج المجتمع الذي تنمو فيه وتتقولب حسب الأهداف التي تسعى لتحقيقها. لذلك كانت اتحادات دولية مثل اتحاد التايكوندو سبّاقا لتأسيس منظمة غير ربحية لتعليم اللاجئين حول العالم مهارات الدفاع عن النفس، واللجنة الأولمبية الدولية صممت برنامجاً يعزز من القيم والسلوكيات الإيجابية لدى الأطفال، وأخيراً منظمة تسمى مدربون في كل القارات، سعت للوصول لـ١٦ مليون طفل في ١١٠ دول لتحقيق المعادلة التعليمية الحديثة بالممارسة واللعب.


هذه النافذة المشرقة فرصة نعيد بها ترتيب المساحات والمرافق غير المستغلة، تطوير برامجنا التعليمية والتربوية، وحتى إستراتيجيات القطاع الرياضي المحلي لتتواءم مع الأهداف الدولية وتوثيق اتصالها مع القطاعات الوطنية الأخرى التي تصب نتائجها فيها. هي معبر سهل لتأصيل القيم والسلوك الإيجابي ومنصة مؤثرة تُعالج من خلالها العديد من التحديات الاجتماعية المعاصرة، ومنبر عالمي يُعبر عن هويتك ويعكس وعيك أمام الأمم.

البعد العملي الذي أسعى له في هذا المقال هو أن نبدأ في المساحات الحيوية التي نعيش فيها، مدارسنا، أحياؤنا، نوادينا أو حتى منازلنا ونبدأ في غرس القيم، علاج التحديات التي نواجهها، تعزيز الوطنية ومواءمة التجارب العالمية المؤثرة مع أهدافنا المحلية من خلال الرياضة. أن نؤسس لجيل نشط ومجتمع مبادر ومنظمات داعمة تستثمر مواردها في تأثير مستدام. أن نصمم منهجاً تربوياً متفاعلاً أو نؤسس ملعباً في حديقة مهملة في حي تكثر فيه الجريمة أو نبحثُ عن موهبة واعدة في مدرسة نائية تحقق إنجازاً وطنياً مشرفاً يوماً ما.