-A +A
منى العتيبي
عانت مؤسساتنا الاجتماعية والتربوية والقانونية من مشكلات الطلاق بعد وقوعه، حتى تشكلت سلسلة ودائرة من المشاكل تتسع زمنيا دون حلول وندفع كمجتمع ضريبتها من ضياع الأبناء وتفكك الكيان الأسري والاستغلال السلطوي الذكوري أو العكس وغيرها.

وعلى مدار السنوات لم يتم ضبط هذه المشكلات حتى رأينا بيوت الطلاق تتنامى وكأنها تنمية اجتماعية! وبلاط المحاكم يشتكي من أقدام المظلومين والظالمين.. وأكثرها مرارة صور الأمهات اللاتي يبكين فقدان أطفالهن بعد الطلاق؛ لأن الزوج الظالم يريد أن يكسرها بأعظم ما تملك وتعود صاغرة لتسلطه وعدوانه وحياته المهزومة.. وفي حال شع بريق امرأة أخرى في عينيه ومال قلبه لها وأنكر العشرة ونزع الرحمة عن زوجته، تنازل عن أبنائه وزج بهم إلى أمهم لتصبح هي بين جهنمين؛ جهنم رفض عائلتها استقبال أبنائها عقابا للزوج الناكر الذي رد بضاعتهم ليتحملوا مسؤوليتهم، وجهنم النفقة على أبنائها الذين جحد الأب مسؤوليته تجاههم.


حكايات ضحايا تشهدها أروقة المحاكم وصفحات الحياة من صور الطلاق في مجتمعنا الذين يفقد أغلبهم الأسلوب الحضاري والإنساني مع الطلاق وكل جهود المؤسسات التربوية والحقوقية عجزت عن إصلاحها واستطاعت ترميم بعضها بعد خسائر نفسية وتربوية ومادية لأحد الطرفين أو كليهما. من أجل ذلك جاء ما صرّحت به وزارة العدل قبل أيام من أن الرجل لن يتمكن من طلاق زوجته؛ إلا بعد حضورهما أمام القاضي، ولن يتم إصدار أي صك طلاق؛ إلا بعد حسم موضوعات النفقة والحضانة والزيارة من خلال التعديلات التي ستنال «لوائح المرافعات الشرعية» كقرار حاسم ولو تأخر في رأيي كثيرا كثيرا.

وفي هذا الأمر حسم لجميع الأمور بحيث يدرك الطرفان واجباتهما وحقوقهما بعد الطلاق والأهم يُحدد مصير أبنائهما بما يضمن لهم حياة آمنة لا تتأثر بانفصال الآباء.

وبالنسبة لمركز المصالحة قبل وقوع الطلاق الذي تحدث عنه وزير العدل، أرى بأن يكون مرحلة استباقية مماثلة له قبل وقوع الزواج من أصله، بحيث يكون هناك مركز حماية تثقيفي للمقبلين على الارتباط، يرشد المقبلين على حقوقهم وواجباتهم الزوجية والتفاصيل القانونية والحياة الزوجية من البدايات حتى النهايات، فأغلب النساء تجهل حقوقها بعد الطلاق، وأغلب الرجال يتوقع بأنه السلطة المطلقة على مَن كانت زوجته ويجهل حدود حقوقها عليه بعد الطلاق.

مشكلات الطلاق لم تعد مسألة شخصية ومشكلة داخلية محكومة بشخصين، بل هي مشكلة مجتمع ووطن وبناء ومستقبل؛ لذلك على كافة المؤسسات المجتمعية والوزارات كالتعليم والإعلام والثقافة والعمل، التعاون مع وزارة العدل لمعاودة النظر في الأمور القانونية التشريعية لأنظمة الطلاق ورفع مستوى السقف التوعوي نحو ذلك.

* كاتبة سعودية

monaotib@

Mona.Mz.Al@Gmail.Com