-A +A
نورا المطيري
قفز خامنئي فزعا من نومه على صوت حسين سلامي قائد الحرس الثوري، فوق رأسه، ظن أنه جاء ليغتاله، فراح يرتجف، وزاد اضطرابه أكثر، حين فهم أنه جاء ليبلغه بمقتل قاسم سليماني، قبل دقائق، في مطار بغداد، وقال له: جسده تفحم ولم يتبق منه، سوى يده التي تحمل خاتمه.

طلب ماء وسكبه على لحيته أكثر ما سكب في جوفه، استند وهو يقول: فعلها ترامب..! ثم سقط وهو يحاول الوقوف، فرفعه سلامي وهو يقول: أين روحاني؟ أريد اجتماعا طارئا، فقال سلامي: هم جميعا في مكتبك الآن.


جرّ نفسه إلى غرفة مكتبه في قصره، لاحظ انبساط أسارير روحاني وظريف قبل أن يقفا ويرسما علامات الحزن على محييهما، كان يعرف أنهما يكرهانه وأن تلك الدموع التي تساقطت من روحاني لحظة رؤيته كاذبة، فأقبلا وأقبل معهما الحضور من قيادات عسكرية لتقبيل يد مرشدهم العجوز الذي يحضر لأول مرة في التاريخ، الاجتماع الطارئ للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني لبحث خيارات الرد على اغتيال سليماني. جلس، وعلت الهمهمة تشرح ما حدث بالتفصيل، طلب منهم السكوت، سأله روحاني: هل سيكون هناك رد الليلة؟ فرمقه خامنئي وهو يعلم أنه جبان، ويأمل أن لا يكون هناك رد نهائي، فقال موجها حديثه للجميع: لا أريد حاليا شيء، أريد تصريحات نارية بالثأر، أنتم تعلمون كيف، دعونا ندفن سليماني أولا، ماذا يقول الشارع الإيراني والعراقي والسوري واليمني واللبناني!؟

لم يتجرأ أحد على إخباره عن الاحتفالات في طهران وبغداد، قال علي شمخاني، أمين مجلس الأمن القومي الإيراني: إن الجميع يشعر بصدمة كبيرة. نظر إليه ظريف الذي أرسل له للتو رسالة تظهر الاحتفالات في إيران والعراق، وهز رأسه بسخرية، ولكن خامنئي لاحظ ذلك، تنهد وتحشرج صوته وهو يقف وينهي الاجتماع وهو يقول: أعلنوا الحداد، أطلقوا الجيش والشرطة بلباس مدني مع عائلاتهم يحملون جميعاً يافطات مكتوبا عليها: الموت لأمريكا وإسرائيل، أريد أن يرى العالم غضب إيران.. ثم أطلقوا بعد يومين بضعة صواريخ على قواعدهم في العراق بعد تحذيرهم، لا أريد إصابة جندي أمريكي واحد، فهمتهم؟

قبل دفن أشلاء جثة الإرهابي الشهير سليماني، كان على حسن نصرالله وعبد الملك الحوثي وإسماعيل هنية وقادة الميليشيات الإرهابية إظهار غضبهم من أمريكا، بأية صورة، بكاء نواح، لقاءات تصريحات، بدأت ماكينة الإعلام تعزف لهم لحن الشعبوية التي انزلقت إلى أدنى مستوياتها، هنية كان أكثرهم تملقا، دون أن يكترث لمشاعر الشعب العراقي واليمني والسوري، الذي عانى الويلات من إرهاب قاسم سليماني، وخطب خطابا استفزازيا منح فيه الإرهابي العالمي المقتول.. وسام الشهادة، وقال: «وفاء لقائد فيلق القدس قاسم سليماني ومسيرته في دعم الشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة. فهو.. شهيد القدس»!!

لم يحضر جنازة سليماني الإرهابي أكثر من 20 ألف شخص، حسب صحيفة «نيويورك تايمز» ولكن الإعلام الفاسد قال بأنها كانت مليونية! نعم مليونية من الدعاء بالهلاك على الطاغية الإرهابي الذي سفك بيده دماء الأبرياء في الوطن العربي الكبير.

* روائية وباحثة سياسية

Noura_almoteari@yahoo.com