عنوان المقال معناه «الحذاء» باللهجة الحجازية القديمة، ويقال إن المصطلح ورد إلينا من تركيا. ولدى الكثير من البشر يمثل الحذاء أحد معايير الوجاهة: نظافته، وتصميمه، والجلود المستخدمه في تصنيعه، ولونه كلها تعكس الاهتمام بالأناقة لدى السيدات، والرجال، والأطفال. ولو تمعنت في تركيبته، ستجد أنها مذهلة، فهي «متعوب عليها» من ناحية الدقة والإتقان، وخصوصا أنها صممت وصنعت لتتحمل كمية «بهدلة» ولذا فستجد أن وصف «المرمطة الكبرى» هي معاملة «الجزمة» أعزكم الله. وهناك المزيد، فهي تعبر عن تغيرات تاريخية مهمة. في القرن السادس عشر عندما بدأت الدول الأوروبية برصف شوارعها بالمواد المعمرة شديدة القسوة مثل الحجارة، تم تبطين الأحذية بإضافة طبقة عازلة لامتصاص الصدمات المنقولة للأقدام أثناء المشي. وطبعا بعضهم بالغوا في ذلك فوضعوا طبقات إضافية وصلت إلى سمك ما يعادل نصف الصفحة التي تقرأها الآن، وتسبب ذلك في مخاطر كبرى لحركة البشر على حساب «الموضة». وتسبب أيضا في تغير تركيبة أقدام البشر وطريقة حركتهم. وتحديدا، فالقدم البشرية تحتوي على ست وعشرين عظمة مختلفة كل منها تؤدي وظيفة محددة بمشيئة الله. وتحتوي أيضا على منظومة مكونة من أكثر من مائة عضلة ومجموعات من الأوتار التي تربط وترخي الأجزاء المختلفة بإرادة الله لننعم بهذه النعم الإعجازية. عندما نتحرك، سواء كان تسكعا أو جريا، يتم تفعيل هذه المنظومة الهندسية العجيبة بطرق مختلفة حسب معطيات ومتطلبات الموقف. وإحدى النقاط الأساسية في توزيع الأحمال على الأجزاء المختلفة من القدم هي قوس القدم فهي كالجسر العضوي الذي ينقل الأحمال من المقدمة إلى الكعب في حالة المشي البطيء، أو من الكعب إلى المقدمة في حالة الحركة السريعة. وكلما كان ذلك الجسر أكثر صلابة، كانت تلك القوس أعلى، وكانت الحركة السريعة أسهل. وأما بالنسبة لحوالى سبعة في المائة من البشر، وأنا منهم، فلدينا مشكلة في أن أقواس أقدامنا هابطة إنشائيا، وهي تفتقد للصلابة أيضا، وبالتالي فأقدامنا «مفلطحة» على الأرض وتشبه السجادة المفروشة وتسمى «القدم الرحاء». وهنا تلعب الكندرة دورها المهم في تعديل الوضع فهي ترفع قوس القدم، وبالتالي تيسر نقل الأحمال من مؤخرة القدم إلى مقدمتها عند الحركة البطيئة والعكس عند الحركة السريعة. ولكن الأحذية تؤثر تأثيرات قد تكون سلبية في بعض الأحيان فقد تسبب تراخي صلابة الجسر وهبوط القوس. خطر على بالي أننا في السنوات الأخيرة رأينا ظاهرة جديدة وخطيرة وهي رمي الأحذية على بعض المسؤولين. وحسب ما رأيت فإن الرمي لم يكن صحيحا، ولا دقيقا. بناء على ما علمونا في الفيزياء وعلوم الطيران أن رمي الحذاء لابد أن يبدأ بالنعل أعزكم الله في المقدمة لأن كتلته أعلى. وذلك لتأكيد دوران الحذاء وطيرانه نحو الهدف بدقة ولتثبيت مساره أثناء حركته في الهواء بقدر الإمكان. وهذا ينطبق بالذات على السرعات العالية في الرمي والتي قد تصل إلى ما يفوق الخمسين كيلومترا في الساعة. وعلى الرامي أخذ مؤثرات التيارات الهوائية -إن وجدت- في الاعتبار. وبسبب تردي أداء بعض المسؤولين حول العالم، الغالب أن هذه الظاهرة لن تتوقف خلال السنوات القادمة، والغالب أن نشهد دقة أعلى في الإصابة بالكندرة. والله أعلم.
أمنيــــــة
سبحان الله أننا لا نشعر بالعديد من النعم التي أكرمنا الله عز وجل بها. ومن تلك النعم الكبيرة هي نعمة المشي. وهناك نعمة لا يفكر فيها بعض المسؤولين وهي نعمة المسؤولية العظيمة لخدمة الناس. كلها من عند الله وحده.
وهو من وراء القصد.
كُنــــــــــــــــدَره
28 يناير 2015 - 19:14
|
آخر تحديث 28 يناير 2015 - 19:14
تابع قناة عكاظ على الواتساب