.. في حديث صحيح صريح يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه». فكيف إذا كان هذا الأجير معلم قرآن يكرس كل جهده لتحفيظ كتاب الله الناشئة من الطلاب؟
إن المعلم، أو العامل ينتظر نهاية الشهر بفارغ الصبر لكي يتسلم مرتبه لتسديد ما عليه من أقساط ويوفر ما تحتاج إليه أسرته من متطلبات، ولذا فإن أي تأخير في صرف الراتب يمثل ضرراً لا شك فيه.
لذا فقد عجبت مما نشرته المدينة بتاريخ 13 محرم 1428هـ عن الأزمة التي نشبت بين جمعية تحفيظ القرآن الكريم بمكة المكرمة من جهة وبين الموجهين والمعلمين عندما لم تكتف الجمعية بتأخير صرف المرتب وإنما زادت الطين بلة بحسم نصف راتب الموجهين والمعلمين لشهر ذي الحجة بدعوى أن المعلمين لم يعملوا خلال فترة إجازة عيد الأضحى المبارك، إذ تقول الصحيفة: «فوجئ المعلمون والموجهون بجمعية تحفيظ القرآن بمكة المكرمة أن الراتب صرف لهم منه النصف بدعوى أنهم لم يعملوا في فترة الإجازة التي تمنح لموظفي الدولة كما تمنح لموظفي القطاع الخاص. وقد رفض العشرات من المعلمين والموجهين الاستلام مطالبين بمنحهم حقوقهم كاملة، خاصة أن الرواتب أشبه بمكافآت حيث لا يتجاوز متوسطها 600 ريال للمعلمين الذين أمضوا في العمل أكثر من عشر سنوات».
طبعاً في حالة كهذه لا مناص من مطالبة مدير عام الجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن بوزارة الشؤون الإسلامية بإنصاف المعلمين والموجهين وإلزام الجمعية بصرف كامل الراتب فإجازة عيد الأضحى حق لكل موظف بالقطاعين العام والخاص.
وإذا كان الشيء بالشيء يذكر فقد تسلمت من مدير مدرسة الإخاء الخيرية وتحفيظ القرآن الكريم بمكة المكرمة رسالة تناشد المحسنين مساعدتها، إذ يبلغ العجز السنوي في ميزانيتها مبلغ (82800 ريال) اثنين وثمانين ألفاً وثمانمائة ريال حيث تقوم المدرسة بتدريس 239 طالباً من أبناء المسلمين الذين هاجروا إلى الديار المقدسة هرباً من اضطهاد الحكومة البوذية ببورما، ويقوم بتدريسهم 13 مدرساً نذروا أنفسهم لخدمة العلم مقابل مكافآت زهيدة.
ويضيف مدير المدرسة الأستاذ نور الإسلام سيد قاسم: أن بالمدرسة 8 حلقات لتحفيظ القرآن الكريم في الفترة المسائية وأنا بدوري أناشد المحسنين دعم هذه المدرسة وغيرها من جمعيات تحفيظ القرآن الكريم في مكة المكرمة وجدة وما بينهما من المدن والقرى، فالرسول صلى الله عليه وسلم قال: «خيركم من تعلم القرآن وعلمه».. ومادام أننا مشغولون بأعمالنا التي قد لا تمنحنا الوقت للقيام بتعليم القرآن حتى ولا لأبنائنا -بكل أسف- فلنساعد الجمعيات لتؤدي الدور الذي حثنا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأعود لما بدأت به بشأن الجمعية التي اكتفت بصرف نصف راتب للمعلمين والموجهين عن شهر ذي الحجة بدعوى عدم مباشرة المدرسين العمل خلال فترة الإجازة الرسمية المقررة من الدولة لموظفيها وموظفي القطاع الخاص وأطالب وزارة الشؤون الإسلامية بتكليف الجمعية بصرف الراتب كاملاً أسوة بجميع الجهات الرسمية أو الشركات والمدارس الأهلية فالحق أحق أن يتبع. خاصة لما رواه الإمام البخاري رحمه الله بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قال الله تعالى: «ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة. رجل أعطى بي (أي عهداً) ثم غدر، ورجل باع حراً فأكل ثمنه، ورجل استأجر أجيراً فاستوفى منه ولم يعطه أجره». ويا أمان الخائفين.