في واحدة من رسائل البريد الإلكتروني، وصلتني حكاية، آثرت أن أنشرها حرفيا.
في عام 1989 ثار الشعب الروماني ضد الطاغية «شاوشيسكو»، وامتنع الجيش عن مساندة الطاغية فتمت محاكمته، وأعدم مع زوجته، ثم تولى السلطة في الفترة الانتقالية أحد مساعدي شاوشيسكو واسمه «إيون إيليسكو».
امتدح «إيليسكو» الثورة واحتفى بها في البداية، ثم حدث انفلات أمني رهيب في رومانيا ــ تبين فيما بعد أنه من تخطيط إيليسكو ــ وبدأت مجموعات من المجهولين يهاجمون بيوت الناس والمنشآت الحيوية، وراح جنود الجيش يتصدون لهم حتى أصبحت رومانيا ميدانا للحرب، مما تسبب في إحساس المواطنين بالهلع وانعدام الأمن.
مع الانفلات الأمني المتعمد ارتفعت الأسعار، وأصبحت الحياة صعبة للغاية، في الوقت نفسه، لعب الإعلام الموالي للنظام دورا مزدوجا، فهو من ناحية ساهم في نشر الذعر عن طريق الشائعات الكاذبة المتوالية، وفي الوقت ذاته، راح يمعن في تشويه صورة الثوريين. وتوالت الاتهامات لمن قاموا بالثورة بأنهم خونة وعملاء، يقبضون أموالا من الخارج من أجل إسقاط الدولة، وتخريب الوطن.
وفي ظل الهلع والأزمات الطاحنة، تأثر المواطنون بحملات التشويه الإعلامي، وصدقوا فعلا أن الثوار عملاء. وعندما شعر الثوار بأن «إيليسكو» يسعى لإجهاض الثورة نظموا مظاهرة كبيرة رفعت شعار: «لا تسرقوا الثورة»، فما كان من «إيليسكو» إلا أنه وجه نداء في التلفزيون الروماني إلى المواطنين الشرفاء، وكرر خلال ذلك النداء مصطلح «المواطنون الشرفاء» أكثر من خمس مرات، وطالبهم بالتصدي للخونة، ثم استدعى سرا آلاف العمال من المناجم وأشرف على تسليحهم بنفسه، فاعتدوا على الثوار وقتلوا أعدادا كبيرة منهم.
كانت هذه نقطة النهاية لثورة رومانيا، فقد استتب الأمر بعد ذلك لـ «إيون إيليسكو»، ورشح نفسه للرئاسة، وفاز بالمنصب لدورتين متتاليتين في انتخابات مزورة.
وهكذا، بعد أن كانت الثورة الرومانية مفخرة للمنطقة كلها، تحولت إلى مادة للتندر والسخرية..!
وخلصت الحكاية.