من أهم ما في نظام التعليم العالي المعمول به حالياً حرمان الموظف الحكومي من مواصلة تعليمه للماجستير والدكتوراه، بوضع شرط التفرغ من العمل، ومن يملك الإعفاء من هذا الشرط هو رئيس الموظف، الذي وجد فرصة لحرمان الموظف لسببين أحدهما عملي وهو أن العمل قد يتأثر بتفريغ الموظف مدة طويلة، والثاني هو عامل عدم تفوّق المرؤوس على رئيسه تأهيلاً، وبخاصة إن كان الرئيس لا يحمل شهادتي الماجستير والدكتوراه.
الشرط شرط تعسفي فالموظف سيدرس في غير وقت الدوام الرسمي، وسيكمل الساعات التأهيلية (30 ساعة على فصلين) ثم إعداد الرسالة تحت إشراف دقيق من الجامعة التي لن تمتهن سمعتها ولا أمانتها بمنح الدرجة دون أن يستكمل الطالب كل ما هو مطلوب لها، وهذه النزاهة العلمية مشهود بها لجامعاتنا، ولذا فإن هذا الشرط وقف عائقاً أمام كثير من الراغبين في مواصلة الدراسة بسبب رفض جهاتهم إعطاءهم تفرغاً جزئياً أو كلياً وذلك منذ صدور النظام إلى يومنا هذا.
هذا شرط لم يُقصد به إلا الحد من الحصول على الشهادات العليا مع أن أكثر من يرغبون مواصلة الدراسة هم العاملون في حقل التعليم، وقد تسبب هذا الشرط في أزمات نفسية لكثير من الدارسين الذين حصلوا على الماجستير فصدر هذا النظام وحرمهم من المواصلة للدكتوراه.
ومن هنا فإن ما نُشر في الصحف مؤخراً من التراجع عن هذا الشرط هو مؤشر صحي لعِلَّة من علل نظام التعليم العالي وما فيه من تضييق في عدة أمور، هذا واحد منها، وقد أعلن الأمين العام لمجلس التعليم العالي أن مجالس الجامعات قد قامت بدراسة الاقتراحات المناسبة لإتاحة الفرصة أمام الراغبين في الدراسة، وانتهت إلى التوصية بأن يُترك شرط التفرغ لمجلس الجامعة، والأمل أن تتحول التوصية إلى قرار، وأن يُسمح لمن يرغب مواصلة دراسته ممن حُرموا بسبب هذا النظام؛ أن يواصلوا دراستهم دون نظر لسنوات الحرمان.
هذا الحرمان هو الذي أتاح المجال لمكاتب بيع الشهادات أن تأتي بها لمن حصلوا عليها دون دراسة، أو ألجأ آخرين إلى الاتجاه للجامعات الخارجية للدراسة، وقد لا يذهبون لوزارة التعليم العالي للمعادلة إلا من رغب الاستفادة منها وظيفياً، وهذا أصبح الآن قليلاً بسبب قلة الفرص الوظيفية، أو عدم حاجة الحائز لها للوظيفة.
إن حصول السعودي على الشهادة من جامعة سعودية وفق كل متطلبات الدراسة ضمان لأن يحصل على الشهادة المؤهل للدراسة ثم تأكد من أن الحاصل عليها حصل عليها عن جدارة، لما عُرف عن جامعاتنا من صرامة في دراستها.
شيء محمود أن تراجع وزارة التعليم العالي النظام، وأفضل منه أن تسارع بتعديل ما في النظام من مواد مجحفة كهذا الشرط ونحوه مما شكل سلبية في الدراسات العليا، وألا تنظر إلى أولئك الذين لديهم حساسية من الشهادات الداخلية وتساهل في الشهادات الخارجية، لئلا يلجأ الناس إلى الطرق الملتوية إذا سدّت الطرق المستقيمة، وفي كل الأحوال فليس كل من حمل الدكتوراه بعالم، سواء أكانت داخلية أم خارجية، ولا كل من حملها بباحث أو دارس، فبعضهم يريدها وجاهة، ومن يرصد إنتاجه بعدها لا يظفر بشيء، حتى بالمقالات الصحفية وهو قدير للحصول عليها بأية طريقة.
ص.ب 45209 الرياض 11512 فاكس 012311053
IBN-JAMMAL@HOTMAIL.COM
تفرغ الموظف للدكتوراه
17 ديسمبر 2006 - 19:23
|
آخر تحديث 17 ديسمبر 2006 - 19:23
تابع قناة عكاظ على الواتساب