في مقال بعنوان (الراكب العبيط)، ذكر الأخ العزيز محمد المختار الفال أن مسؤولا تنفيذيا في إحدى الشركات المتأهلة لرخصة الطيران المدني في المملكة قال «إن شركات الطيران تفضل الراكب السعودي على غيره لسهولة التعامل معه ولغياب ثقافة مقاضاة شركات الطيران لدى المحاكم عند حدوث إشكاليات معها. وإن الركاب من جنسيات كثيرة حول العالم يقاضون الشركات الناقلة بسبب المقعد أو تعامل المضيف أو غيرها مما ورط الكثير من شركات الطيران».
ويتابع الكاتب العزيز قائلا «إن هذا الكلام يصور سلوكا ساذجا ويصف ثقافة لا تقدرها الشركات ولا تحترمها.. بل تستغلها وتشجعها لتجني من ورائها الملايين، وربما تكون هذه الثقافة (والمقصود ثقافة السذاجة والتغاضي عن الحقوق) أحد الأسباب التي تدفع الكثير من الصناعات وشركات الخدمات إلى التسابق على أسواقنا حيث تقل المساءلة ويسهل الكسب ويكثر الغش دون تحمل تبعاته وتعويض المتضررين منه. ثم يتساءل الكاتب لماذا نحن هكذا؟ هل تكون من أسباب (طيبة) أو غفلة أو تساهل الراكب السعودي مع شركات الطيران هي نتيجة تراكم ثقافة الاحتكار.. الخ. ويختم الأستاذ الفال مقاله قائلا: حان الوقت لنعدل سلوكنا ونحرص على أخذ حقنا المتاح بموجب الأنظمة والقوانين.. السكوت عن الأخطاء له آثار سلبية كثيرة، من أقلها تضييع الحق والمساهمة في تردي الخدمات المقدمة للمستحقين.. فخذ حقك «بلاش عبط».
أتفق تماما مع الأخ العزيز محمد الفال في أن الشركات الأجنبية سواء الخدمية أو الصناعية أو التجارية أو المالية مثل البنوك وشركات الاستثمار..الخ، تتسابق على أسواقنا التي تنعدم فيها تقريبا المساءلة القانونية ويسهل فيها الكسب السريع عن طريق الغش والخداع والاستغلال. فهذه الشركات، جميعا وبلا استثناء، تستغل نقاط الضعف في أسواقنا وتعاملاتنا، وتستغل سذاجتنا ولا مبالاتنا، وتستغل ضعف تطبيق أنظمة الحماية الرسمية والنظامية، وتستغفل المواطنين وتنتهك حقوقهم دون رادع. مندوبو شركات المال والبنوك الأجنبية يأتون إلينا ويرددون مصطلحا شهيرا يقهقهون له، هو (فلوس العرب ARAB MONEY )، وكأنها أموال مباحة لمجرد أنها عربية. وآخرون من موظفي الشركات الأجنبية العاملة في بلادنا، الذين يحصلون على رواتب يسيل لها اللعاب ومميزات وبدلات لم يحلموا بها في حياتهم يرددون مصطلحا آخر (فلوس سهلة EASY MONEY).. وهكذا.
فهل نحن فعلا على هذه الدرجة من السذاجة والعبط، نبتلع الطعم بسهولة، ونشرب أي مقلب، ونسكت على كل إساءة ونتغاضى عن كل من يغشنا ويخطئ في حقنا؟ هل نحن طيبون فعلا إلى درجة العبط؟
الواقع المرير هو أن نسبة كبيرة من المواطنين لا يعرفون حقوقهم المدنية، ولا كيف يصرون عليها أو كيف يحمونها أو يحصلون عليها. كما أنهم في الوقت نفسه لا يعرفون جيدا واجباتهم وكيف يؤدونها ويتجاوبون معها ويحترمونها. المواطن السعودي عموما (أو جزء كبير من المواطنين) إما أنه لا يعرف حقوقه وواجباته، أو لا يبالي بها، أو يهملها، أو يتساهل كثيرا تجاهها.
وكما أنه يجب على المواطن أن يُصر ويثابر على الأخذ بحقه والحصول عليه نظاميا وبالوسائل القانونية المتاحة، إلا أنه بكل أسف نجد أن المواطن هنا غالبا ما يقف وحيدا دون سند رسمي أو نظامي فعال يعتمد عليه.
فغالبا ما نجد أن الجهات الرسمية المنوط بها حماية حقوق المواطين والمحافظة عليها هي نفسها تتقاعس عن نجدته ومساعدته وعن واجباتها، وتظن أنها «تتفضل» على المواطن لمجرد أنها استمعت فقط إلى معاناته أو شكواه، مجرد شكليات لا غير.
أنشأت الدولة بمراسيم وأوامر ملكية لجانا كثيرة ولجانا، وهيئات مستقلة وهيئات في شتى المجالات، لغرض الحفاظ على حقوق المواطنين واستقبال قضاياهم وشكاواهم والنظر فيها. وصرفت الدولة أموالا طائلة لإنشاء هذه اللجان والهيئات، وعلى رواتب أعضائها ومكافآتهم الكبيرة، واستأمنتهم على حقوق المواطنين وحمايتهم، فما هي النتيجة ؟ اسال أي مواطن اضطرته ظروفه التعيسة للجوء إلى هذه اللجان والهيئات للبحث عن حقوقه، وسوف تصاب بالاكتئاب... فالمواطن يا عزيزى محمد الفال قد لا يكون عبيطا، ولكنه وجد أنه.. لا فائدة من الشكوى، وليس أمامه من حيلة سوى أن «يستعبط» ويريح دماغه.
للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 129 مسافة ثم الرسالة
عبط .. أم استعباط؟
14 يناير 2013 - 20:28
|
آخر تحديث 14 يناير 2013 - 20:28
تابع قناة عكاظ على الواتساب