شاعر سامرية (نحت أنا لو أبرى .. نوح الحمامة) مجهول الاسم والعنوان، قالها قبل عشرات السنين وانتقل إلى رحمة ربه وترك الناس في الصحاري والسواحل يغنون سامريته العذبة البطيئة كلما أعياهم الصبر، لم يكن يتوقع ظهور التلفزيون (الأبيض والأسود)، حيث تسابق عدد من المطربين والمطربات والفرق الشعبية على تسجيل السامرية البطيئة الجميلة، وهو بالطبع لم يكن يتخيل ظهور المطرب محمد الزيلعي الذي زاد من سرعة اللحن حتى دخل السامري في الهيب هوب، المعالجة الجديدة للحن منحت الكلمات القديمة روحا مختلفة عن روحها الأولى، إنه فارق السرعة بين زمنين، كيف كان الإنسان يتعامل مع صبره الذي لا يطيقه.. وكيف أصبح يتعامل معه اليوم؟، تحية لشاعر السامرية المجهول.. وتحية للزيلعي.
**
كلما غرقت الأنفاق الحديثة تحت المطر وتكدست السيارات فوق الجسور بسبب المياه يأتي صوت شاعر السامرية المجهول من خلف الصحاري والوديان، وهو يقول: (عبروا مضنوني.. يا أهل المراكب.. عبروا مضنوني).
**
لم تطق الصبر لذلك تقول متوسلة الوزارة التي لم تحددها: (أين وظائف الخريجين؟.. أنا خريجة قسم إنجليزي والحين أبيع آيسكريم مع أمي في الطريق لنا أربع سنوات وحالنا متدهور!).. نوح الحمامة!.
**
موضوع السامرية القديمة كان تسجيل لحظة وداع: (ودعتك الله.. يا نظير العيوني)، وقد وصلتني قبل فترة رسالة بعنوان (أستودعكم الله) من صديقي الكائن الإنترنتي المحترم (أبو عزيز) أعلن فيها توقفه واعتزاله كيلا يشتهر رويبضات الصحف من خلاله، وقال في رسالة الاعتزال التي وصلت القاصي والداني: (وعليه سأتوقف عن إشهارهم، من هذه الساعة، في هذه الجمعة المباركة /5/1431هـ. واستودعكم الله، إخواني الكرام وأخواتي الكريمات، فرويبضة الصحف وأغيلمتها وأقزامها وعجائزها المصابون بـ «فوبيا الهيئة والمحاكم والقضاة والعلماء والدعاة» أحقر وأذل من أن يضيع المسلم وقته في التعليق على غثائهم أشغلهم الله في أنفسهم ورد كيدهم في نحورهم)، ليومين أو ثلاثة صدقت أن أبو عزيز جاد في قرار الاعتزال، ولكن سرعان ما عادت رسائل أبو عزيز بعباراتها الملونة مع تغيير في طبيعة المحتويات وتوجهاتها.. (حتى أبو عزيز.. ما يطيق الصبرا).