ترددت كثيرا قبل أن أصيغ كلماتي، إذ تجمدت المعاني وأصبحت عاجزا لا أستطيع كيف أفي هذا الرجل حقه.. ترى أأرثيه أم أرثي نفسي لفقدان أب روحي وأخ وصديق وقريب إلى آخر تلك الألقاب التي أجد شخص خالد زارع يجسدها بمعنى الكلمة. ترددت في الكتابة لعدة أسباب منها تأثري البالغ بفقدان هذا الحبيب الذي جعلني في حيرة؟ ماذا أكتب، وماذا أقول، ومن أين ابدأ؟ مع إيماني التام بقضاء الله وقدره وأن هذا شأن الدنيا وحالها. تابعت كل ما تفضل به أصحاب القلم في الصحف المحلية ووسائل الإعلام المسموعة والمرئية، وتابعت ما عرضته القناة الأولى (لمسة وفاء لخالد زارع) علي أستطيع أن أكون صورة متكاملة عن هذا الرجل الإنسان، وحتى لا أكرر ما كتبه الذين سبقوني سأعرج على بعض الزوايا في حياة وبعض قصائد خالد زارع. تربطني بالشاعر خالد زارع -رحمه الله- بالإضافة إلى علاقة القربى، علاقة متينة جدا امتدت من سنوات عديدة، رافقته في عدة مناسبات كان هو مذيعا لحفلها بصوته الجميل، وبكلماته التي كان يكتبها في تلك المناسبات، وما زلت أذكر حفل زواج في الرياض شارك فيه طلال مداح وعبادي الجوهر وعتاب بالإضافة إلى عدة فنانين.
ربوع بلادي
بدأ مشواره العملي عام 1376هـ، بعد أن تخرج من معهد الاتصالات عام 1375هـ، شارك في تقديم العديد من البرامج الإذاعية والمسلسلات، بالإضافة إلى تقديمه للبرنامج التلفزيوني السياحي الناجح «ربوع بلادي»، الذي نال إعجاب الجميع، كذلك برنامج «كلمة عتاب». أما مشواره مع الكلمة فله العديد من القصائد المغناة، حيث تغنى بقصائده العديد من المطربين السعوديين وغيرهم، تغنى للوطن بأروع الكلمات، حيث غنى له الموسيقار سراج عمر «شد الشراع» التي يقول فيها:
«شد الشراع فوق السفينه
وامخر بها بحر السكينه
وكتب لليوم الوطني قصيدة قال فيها:
«أمتنا تتباهى في يوم وحدتها في الميزان
لما البطل عبدالعزيز أسس لها أقوى كيان
وكتب للوطن كذلك قصيدة «عشان وطني» يقول فيها:
«ومن ينبع إلى الظهران
ومن عرعر إلى نجران
عيون تراعينا
تسير جيوش فدى الأوطان
كما كتب -رحمه الله- في ملوك الوطن الغالي الكثير، ففي عهد الملك سعود -رحمه الله- كتب كلمات «يا صاحب الجلالة» تغنى بها طلال مداح من ألحان عمر كدرس يقول فيها:
«يا صاحب الجلالة يا محقق العدالة
مكتوب لك يا غالي برمش العين رسالة
رسالة كلها فرحه فيا هلا ويا مرحبا»
كما كتب أروع الكلمات بعد استشهاد الملك فيصل -رحمه الله- حيث قال:
«حزينه يا جبال مكه
تعيسه تهامه والاحساء»
وقام بتسجيلها بصوته رافقه في أدائها الفنان تواب عبيد بالناي. وكتب قصيدة «الجامعة» بعد إنشاء جامعة الملك عبدالعزيز في جدة قال فيها:
«باسم البطل عبدالعزيز ابن سعود
باسم اللي وحد شملنا وحد الحدود
باسم اللي شيد مجدنا وأعلى العهود
في جدة باسمه الجامعة تعلى وتسود
تنهل فضيله وفضلها لفيصل يعود»
وكتب قصيدة في الملك فيصل بعد توليه الحكم قال فيها:
«وبايعنا فيصل وسجدنا في المساجد شاكرين
وبدأ البطل فيصل يقود الأمة للحق المبين
مشوار المداح
أما مشواره مع الفنان طلال مداح، فقد غنى له العديد من القصائد منها «سهرانين» يقول فيها:
«سهرانين.. في بحور العيون السود.. ولا نرحم ليالينا
مشتاقين.. للحب اللي ما له حدود.. ومتعبنا ومشقينا»
كما غنى له من ألحانه قصيدة «مجروح وإن» التي قال فيها:
«مجروح وإن.. مضنى ومتعذب وصابر
عبر الزمن.. ماضي ومستقبل وحاضر»
وغنى له كذلك «يا سر مكتوم» من كلماتها:
«يا سر مكتوم مخبا حتى عن نفسي
نسيني النوم يفكر في هواك يأسي
وأيامي ولياليه وكل إحساس يعيش فيه»

وغنى له طلال أيضا كلمات كان قد طلبها من زارع، تشتمل على المثل القائل «ما تسلم الجره في كل مرة» ويقول فيها:
«تجافيني أجيك أشكي
تلاقيني عليك أبكي
وأقول.. في كل مرة ما تسلم الجرة »
كما تغنى من كلماته العديد من المطربين منهم: محمد عبده وعبادي الجوهر وهيام يونس، وغنت له هيام يونس من ألحان عبدالله ماجد «فهمتك» يقول فيها:
«فهمتك عرفتك خاين
تركتك لنفسك باين
على المكشوف وأنت تشوف»
ومن ألحان الموسيقار طارق عبدالحكيم وغناء كل من وحيد فكري وأبو خداش، كتب خالد أوبريت «العودة» في الملك سعود، يقول فيها:
« أنا وإخواني وكل أهل الجزيرة
نهتف ننادي يعيش حامي الجزيرة
والجموع أتوافدت وهي غفيرة
جاءت تردد الهتافات الكبيرة»
حفلات ومناسبات
اشتهر خالد زارع بتقديم الحفلات والمناسبات وكان يطوع قريحته الشعرية في كتابة مقدمات الوصلات الغنائية، يقول في إحدى المناسبات:
«يا ليل طويت ساعاتنا بدري
ترانا في أول الحفل
ولا نبغاك كده تجري»
نداء
ولعلي هنا أضم صوتي إلى صوت الأخوة الذين سبقوني في ندائهم لوزارة الثقافة والإعلام بتخصيص أحد الاستوديوهات في إذاعة جده باسم (خالد زارع)، ونداء آخر لرئيس النادي الأهلي بتسمية إحدى القاعات باسم (خالد زارع)، فما زلنا نذكر صوته الشجي العذب في حفلات النادي عندما كان يقول «هنا النادي الأهلي». هذا وقد نال -رحمه الله- مكافأة على برنامج «ربوع بلادي» خلال تشرفه بالسلام على خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز. وقد أشار حاتم زارع (شقيق خالد) في لقائه التلفزيوني، بأن خالد كان يسمعه قصائده أيام الدراسة، ولم يذكر التاريخ، ولكن يبدو مبكرا، ومعلوماتي بأن قصائده المغناة التي ظهرت للجميع كانت عام 1381هـ؛ أي بعد تخرجه من معهد الاتصالات ولا يعني ذلك أن هذه هي بداياته الشعرية.