رغم الجهود التي تبذل للقضاء على المتسللين والمجهولين والأحباش ومروجي الممنوع والخمور والمخدرات في منطقة عسير، وعلى الرغم من تأكيدات المسؤولين في الشرطة والجوازات والأجهزة المعنية باستمرار المكافحة وإلقاء القبض على الآلاف من هؤلاء، إلا أن خطرهم في أودية عتود وبيشة وذهبان والعمارة وابن هشبل لا يزال مستمرا.. بيع مخدرات وقات، ترويج خمور، سرقة، نهب، سطو، قتل، وغيرها من الجرائم المقلقة والمزعجة والتي تضر بالأمن الاقتصادي والاجتماعي للوطن؛ يشجعهم على ذلك عدد من المواطنين يتسترون عليهم يوفرون لهم المأوى والعمل ثم يجأرون بالشكوى منهم ويطالبون الأجهزة الأمنية بملاحقتهم وتسفيرهم وتخليص البلاد من شرهم!
"عـكاظ" -التي سبق وأن أجرت حوارا مع الأمير فيصل بن خالد أمير منطقة عسير في (5/2/1430هـ) وعد فيه بشن حملة لتطهير المنطقة من جرائم الأحباش والمجهولين- اقتحمت أوكار وعشش ومواقع إقامة هؤلاء في أودية خميس مشيط، حيث يعيشون في عالم صامت رهيب محفوف بالمخاطر، يتقنون إشارات احترازية من رجال الأمن ويتعاملون بلغة لا يفهمها إلا هم، متدربون على المواجهة في أية لحظة، ولهم صفات وخصائص تميزهم عن سواهم من البشر.
مئات العمالة ينتشرون كالجراد على طرق أبها وخميس مشيط امتدادا إلى طريق الساحل، شاهدنا مئات العمالة ينتشرون كالجراد، ولا تكاد تسير على الطريق العام في تلك المناطق، إلا وتجدهم يلوحون بأياديهم لإنقاذهم من حرارة الشمس، فهم يعلمون أن البعض يتعاطف معهم ويتستر عليهم، وخاصة هؤلاء الذين لديهم مزارع، وأعمال يريدون إنجازها سريعا بأسعار زهيدة لاتقبل به سوى هذه العمالة، التي عادة ماتستغل هذا التستر في أشياء أخرى، تبدأ عادة بفرصة عمل ولو مؤقتة وتنتهي بجريمة.

أودية موحشة

في منتصف الشهر الماضي لقي شاب يبلغ من العمر 25 عاما حتفه في حي ذهبان في محافظة خميس مشيط، وعثر على جثته وبها عدة طلقات نارية متفرقة، وتم القبض على عدد من الأفارقة والسعوديين والمجهولين من مروجي المسكرات والخمور، ولا تزال التحقيقات جارية.
في وادي عتود، يستغل المجهولون الأشجار العملاقة، يستظلون بها نهارا والتفيؤ بظلالها نهارا ويروجون الخمور على إطرافها ليلا، فهم يعلمون كل تفاصيل الوادي ولا يستطيع أحد أن يعبره بسلام سواهم، فهم ينتشرون في الوادي وأغلبهم متخصص في تصنيع وبيع "العرق".

خمور في المزارع

يقول علي سعد الشهراني من أهالي خميس مشيط: المجهولون يستغلون فرصة ذهاب الناس إلى أعمالهم صباحا، فيتجولون في أرجاء الأودية، ووصلت ببعضهم الجرأة إلى حد تصنيع الخمور في مزارعنا، فهم يشكلون خطرا على الأهالي في القرى خاصة العمارة وضواحيها، حيث أصبحوا مصدراً للرعب بعد تزايد السرقات التي يرتكبونها في وضح النهار.
ويستغرب ناصر عبد الله الشهري انتشار هؤلاء المجهولين وتنقلهم في الأودية لتوزيع وترويج المخدرات والخمور للباحثين عن الضياع، مطالبا بسرعة تعقبهم ومتابعتهم، مشيرا إلى أن كلا منهم لديه سلاح للمقاومة، ويحمل معظمهم الهراوة أو السلاح الأبيض تحسبا لأي مواجهة.

وادي بيشة

في وادي فحل والمعروف بوادي بيشة، لم يختلف المشهد كثيرا، فبامتداد المسافة من خميس مشيط إلى محافظة بيشة، ينتشر المئات من الأحباش والمجهولين، وبالدخول إلى الوادي تستقبلك رائحة كريهة منبعثة من مجاري الصرف الصحي، ومع ذلك ينتشر عدد كبير من الأشبال والأطفال غير السعوديين في بطن الوادي، بعضهم يرتدي ثيابا مبللة ورثة وهيئتهم تكشف حالة يعيشونها من البؤس والحرمان.. لا سكن لهم ولا مأوى إلا في ركن بعيد أسفل شجرة كبيرة في الوادي.
أكد بعض المواطنين هنا وقوع العديد من الجرائم، وكثيرا ما يتم العثور على جثث متناثرة في بطن الوادي، نتيجة الأعمال الإجرامية التي يرتكبها هؤلاء المجهولون الذين يفترقون نهارا ويلتقون ليلا، فالوادي وكما يقول عبد العزيز الشهراني "ليس آمنا من هؤلاء المجهولين.. شراب.. مسكرات.. وكيف.."

خمور على ضفاف الوادي

ويؤيده محمد سعيد القحطاني مشيرا إلى انتشار "العرق" -وهونوع من المسكر- وبشكل ملحوظ على ضفاف وادي بيشة وعتود، وفي منازل المروجين حيث تتم مفاوضات البيع والشراء بين المصنعين والموزعين والمروجين، الذين يستعينون في بعض الأحيان بسماسرة من المجهولين يجيدون ويتقنون التوزيع السريع للخمور ومن دون مخاطر.

مروجو القات

وبالإضافة إلى الخمور والمسكرات هناك أيضا سماسرة ومروجون للقات، وقال أحدهم ويدعى محمد سعيد: إنهم يتقاضون على بيع كل حزمة قات عشرة ريالات، ووصل سعر الحزمة في هذا الأسبوع 250 ريالا، نتيجة الطلب المتزايد عليه، -وخاصة في العطلة الأسبوعية- من قبل الذين يعتقدون أنه منشط جنسيا ويخفض السكر والسمنة.
وعندما سألته ولكن السعر مرتفع فما الأسباب يقول المروج: لا تصلنا مثل هذه المواد بسهولة فنتيجة التضييق الأمني يصعب وصولها، فالمهرب الذي يأتي بها يسلك طرقا وعرة حتى يدخل بها إلى أبها والخميس.

الأماكن العامة

تابعت أحد السماسرة، خلال تنقله للترويج من حارة إلى أخرى، وتبين أنهم يعملون بطريقة منظمة ومرتبة، فكل خطوة مقدرة، وكل حركة محسوبة، من وسط البلد إلى أم سرار إلى العزيزية، وأوهمت أحدهم بأنني زبون جديد، وفي خلسة منه التقطت بعض الصور بالهاتف الجوال، وبعد ذلك تفاوضنا على الأسعار، وكان آخر الكلام 120ريالا للحزمة، و20 للسمسار، والباقي أنا وشطارتي، وبالبحث عن أكثر الأماكن التي يلتقي فيها المروجون والسماسرة اكتشفت أنهم يفضلون الأماكن العامة مثل حديقة الملك فهد التي تعد نقطة التعارف والالتقاء والطريق الأول للانطلاق إلى مواقع هؤلاء المروجين.

لا يكفون ويتعاملون بحذر

وعن مشواره مع الترويج قال السمسار خالد -وهذا بالطبع اسم وهمي أبلغني به- : إنه عمل في بيع القات مضطرا لعدم الحصول على وظيفة، مشيرا إلى أنه يحمل مؤهلا متوسطا ودخله من الترويج يفوق دخل أي موظف جامعي.
ألم تقبض عليك مكافحة المخدرات..؟؟
* حتى الآن الله ساتر علينا، والكثير من المروجين للقات قبض عليهم ويتم سجنهم لمدة شهر وشهرين وثلاثة، ثم يؤخذ عليهم التعهد بعدم العودة ويطلق سراحهم.
وهل كفوا عن البيع؟
بالطبع لم يكفوا لكنهم أصبحوا يتعاملون بحذر.

حملات أمنية مستمرة

وعن انتشار الأحباش ومروجي الخمر من المجهولين والمتسللين وسبل مكافحتهم والقضاء عليهم والتخلص من أخطارهم وجرائمهم أوضح اللواء علي بن خليل الحازمي مدير شرطة منطقة عسير أن التسلل عبر حدود المملكة في المنطقة الجنوبية يعد أحد أبرز أشكال تخلف العمالة والتستر في آن معا، فحيث يكون هناك متخلفون هناك من يتستر عليهم ويقدم الطعام والشراب والسكن والعمل لهم؛ مما يعد اختراقا خطيرا لنظام الإقامة في المملكة، يفرز العديد من السلبيات التي تضر بالنواحي الأمنية والاقتصادية والاجتماعية للوطن.
ويضيف مدير شرطة المنطقة، حملاتنا الأمنية مستمرة ولكن المشكلة في التستر؛ ولذا فإنني أناشد كل المواطنين في التعاون مع رجال الأمن لتطهير المنطقة من هذه العمالة المخالفة مشيرا على أن الحملات الأمنية أطاحت خلال العام المنصرم بحوالى 70 ألفا ما بين مخالف لأنظمة الإقامة ومجهول محترف لعمليات السطو والنهب والسرقة ومرتكب لعدد من القضايا الجنائية.
وقال الناطق الإعلامي لشرطة المنطقة العقيد: عبد الله بن عائض القرني إنه تمت مراعاة عنصر الوقت لاستغلال عنصر المفاجأة مما أسقط عددا كبيرا من الوافدين من عدة جنسيات ممن له قضايا أمنية، وتمت مداهمة أوكار المخالفين ومرتكبي الجرائم، وعثر بداخلها على كميات من المسروقات والسلاح كما أطاحت الحملة بعدد من أوكار الدعارة والمشعوذين والسحرة الذين كانوا يوفرون متطلبات السحر والشعوذة داخل مساكنهم.

القضاء على هذه الظاهرة..!!

ويرى العميد سعد بن أحمد بن زياد مدير جوازات منطقة عسير أن للمواطن دورا مهما في تقويض هذه الظاهرة والقضاء عليها إذا لم يتستر عليهم وإذا أبلغ عنهم وعن مواقع تواجدهم وقال: فالمواطن هو العنصر الفعال في المجتمع وهو مرآة بلده فيجب عليه أشعار الجهات المختصة عن تلك العمالة المتخلفة، وعدم تذليل الصعوبات حيال بقاء هؤلاء ومساعدتهم بإتاحة فرص العمل لهم.
وأكد مدير الجوازات أن هناك دوريات على مدار الأربع والعشرين ساعة تطاردهم وتقبض عليهم.
- أحد العمالة السائبة في عسير ممسكا بآلته الحادة التي يستعين بها عند المواجهة. 

ضبط 69 ألف متسلل ومجهول في عسير

 عبد الرحمن القرني -  أبها 

 أسفرت الحملات الأمنية التي نفذتها شرطة منطقة عسير خلال العام الماضي - وحسب الناطق الإعلامي لشرطة المنطقة العقيد : عبدالله عائض القرني - عن القبض على أعداد من المخالفين لنظام العمل والإقامة ومجهولي الهوية ، بالإضافة إلى ضبط عدد من المخالفات الأمنية والمرورية ، حيث تم ضبط 1263 سيارة مسروقة ، و860 سلاحا غير مرخص ، وإلقاء القبض على 69979 متسللا ومجهولا و 1488 متسولا ، كما تم تحرير 153780 مخالفة مرورية.  وقال مدير شرطة المنطقة اللواء علي بن خليل الحازمي لـ «عكاظ»: إن التسلل عبر حدود المملكة في المنطقة الجنوبية يعد أحد أبرز مشاكل تخلف العمالة والتستر معا. وأوضح أن ذلك يعد اختراقا خطيرا لنظام الإقامة في المملكة، كما أنه يفرز العديد من السلبيات التي تضر بالنواحي الأمنية والاقتصادية والاجتماعية للوطن.
 وحذر من إيواء المجهولين ، وقال : « إن في ذلك مخالفة لتعليمات وزارة الداخلية» ، مؤكدا أن هذه العمالة السائبة خطر على الأرواح والأعراض والممتلكات.