«خلصت القصة» واحدة من اجمل اغنيات الاصيل طلال مداح رحمه الله الى جانب شقيقتها ورديفتها «اعترف لك» الاغنيتان ولدتا في العام 1984 اي بالتزامن مع ميلاد شركات الانتاج الفني وحفظ الحق الادبي والمادي تقريبا .. الامر الذي حرم كثيراً من محبي طلال مداح وعشاق عطائه الفني من الاستماع اليها لتوقيع طلال مداح لصالح احدى شركات الانتاج كمحتكر لصوت طلال مداح (قلت يوما لطلال مداح احتكروك قال لي.. روح احتكروا صوتي.. مو أنا)..
الذي حدث وكان سبب عدم وصول الأغنية بساطة طلال مداح واريحية طبعه حيث سجل هذه الاغنيات لصالح صديقه الموسيقي والعازف المصري هاني مهنا ولصالح شركته دون ان يتنبه لتوقيعه احتكار صوته (ذاك لان طلال مداح آخر مايعير انتباها.. للحقوق المادية) الامر الذي اوقعه في مشكلة احتاجت الى توضيح من الشركة يمنعه من التعامل بصوته والتسجيل لغيرهم سيما انه كان يومها قد سجل لشركة منافسة (شريطين).
اغنية (خلصت القصة) ولدت في القاهرة عام 1984 بعد جلسات عمل مطولة بين شاعرها سعود الشربتلي ومطربها وملحنها الراحل طلال مداح رحمه الله ونفذت موسيقيا تحت اشراف هاني مهنا وسجلت في ستوديو سمير حبيب في القاهرة ايضا.. هي اول اغنية عاطفية يشدو بها طلال مداح للشاعر سعود الشربتلي بعد ان قدم له بعضا من الاغنيات الخاصة منها اغنيات ذكرى ميلاد ابنائه في لندن والقاهرة وتعد ايضا اول اغنية عاطفية تغنى للشاعر في حياته الذي يقول: كتبت المذهب وكوبليهين وبدأت ورشة العمل بيني وطلال مداح الذي اهتم بتلحينها واختار ان تنفذ بـ (الجواب) وكنا كل يوم نضيف ونعدل على النص واللحن.. وذلك في احد الفنادق في القاهرة ثم قام بزيارتنا صديقنا المشترك الموسيقار محمد شفيق ليكون رابعنا في جلسات الاعداد للتنفيذ فاقترح علي وهاني مهنا وطلال مداح ان يكون العمل وتكتب نوتته على طبقة عالية اي انه كان يقترح ان يغني طلال اللحن بطبقة عالية.. صاحب اللحن طلال رحمه الله قال: لا.. من زمن طويل لم اقدم اغنية عريضة وكوبليهات على طبقة (قرار) وهي التي تناسبني اكثر واشعر انها ستكون اضافة خاصة وان كلماتها حزينة جدا.
يقول شاعرها الشربتلي بدأنا مرحلة التنفيذ في ستوديو سمير حبيب في القاهرة تحت اشراف هاني مهنا ولم تكن الا مذهبا وكوبليهين فقط.. كنت متعايشا معهم في الاستوديو حيث ظللنا لمدة اسبوع كامل لانجاز العمل واذكر ان من العازفين العمالقة الذين رافقونا في العزف على متن هذا اللحن عازف الناي الشهير محمود عفت رحمه الله وعلى الكمان سعد محمد حسن والدكتور خالد فؤاد والدكتور رضا رجب..وغيرهم.. ويضيف الشاعر:
حدث ان عشت فترتها حدثا غير سار حيث توفي اخي فيصل وقتها.. الامر الذي ترجمت فيه حالتي بنص يقول:
مسافر.. مفارق..مودع حبيب
مشيت في الطريق.. البعيد القريب
طريق ماعرفته..طريق ماشفته
اقول ده غدر والا اقول ده نصيب
الكل تفاعل معي فيما كتبته وعاشه طلال مداح معي الى جانب مشاركتي الحزن على وفاة أخي فيصل فاعتبرنا النص كوبليها ثالثا للاغنية وشرع في تلحينه ودخل الكوبليه الثالث الاستوديو معنا للتنفيذ.. وكانت هذه الاغنية التي اخذت منا جهد اسبوع في الاستوديو اول اغنية وآخر اغنية احضر واتابع تسجيلها في استوديو حيث ان كل اغنياتي التي بلغت نحو الثمانين اغنية حتى اليوم لم ادخل الاستوديو للمتابعة في التسجيل واكتفي بالمشاركة في ورشة العمل.. التلحين ووضع الكروكي الموسيقى لها.. لا تعرف الى اي مدى كان طلال مداح يشاركني الحزن وهو يلحن الكوبليه الثالث والاخير.. والغريب ان هذه الاغنية هي الوحيدة في حياة طلال مداح التي لحنها بدون اية آلة موسيقية.. فقط بالدندنة بصوته.. كل النص كل الكوبليهات كان تلحينه لها غناء بصوته دون ان يستخدم آلة وفي هذا ذكرني بما يفعله فناننا وشاعرنا الكبير حسين ابو بكر المحضار رحمه الله.
ومن ذكريات تسجيل اللحن على مدى اسبوع كان طلال الذي يعرف ببساطته يأتي كل يوم باكلات شعبية مصرية للاستوديو مثل الفطير وغيره وكنت ارقبه واقول لنفسي طلال هذا البسيط الكبير وعميد الاغنية السعودية الفعلي يغني لي عاطفيا؟ كان احساسا عظيما.. ويوم ادخال الصوت دخل الاستوديو طلال وبقيت ومعي هاني مهنا ومهندس الصوت في الكونترول ليدخل صوته على المذهب والكوبليه الاول ثم الثاني وعندما بدأ في الكوبليه الثالث المضاف والاخير لم يكد يبدأ حتى توقف وانكفأ يبكي لتفاعله الكبير مع النص وفكرة الموضوع وحيدا دخلت عليه الاستوديو الذي كان بطبيعة الحال يفصلني عنه الزجاج وانا اتابع الصوت بـ (الهدفون) وبقينا نبكي معا ثم فاجأني بكلمة غريبة قال لي:
(ابو سلطان انا حاس ان هذه آخر اغنية في حياتي وانني سأختتم بها حياتي) واضاف: قسما هذا هو شعوري الآن احتفظت بهذه الكلمة حتى بعد عشرين عاما عندما كنت اتابع برنامجا خاصا عن الراحل طلال مداح في اليوم التالي من وفاته في تلفزيون الكويت وفزيت من مكاني عندما وجدت ان اعداد البرنامج كان قد اختار اغنية (خلصت القصة) كختام للبرنامج الخاص.. المهم ان لحظة تسجيل الاغنية تم بأن اخذ مني طلال رحمه الله(قارورة ماء) غالبا مايكون بيدي مثلها ليغسل بها وجهه ودموعه ويواصل الغناء في الكوبليه الاخير وكانها تخرج من جدار وعُمق قلبه وشغافه..
أغنية تم تلحينها بدون آلة موسيقية
عندما «خلصت القصة»بكى طلال والشربتلي
15 يونيو 2006 - 18:44
|
آخر تحديث 15 يونيو 2006 - 18:44
عندما «خلصت القصة»بكى طلال والشربتلي
تابع قناة عكاظ على الواتساب
علي فقندش (جدة)