مَن منا يتخيل ان المرأة مستودع الأمومة والرحمة والعطف والحنان يمكن ان تتحول الى مجرمة ترتكب افظع الجرائم، وقاتله تمثل بجثة زوجها، ومروّجه تتعاطى المخدرات وتنشر السموم في المجتمع؟ ومن يتصور ان الرقة يمكن ان تتحول الى «عنف»، والأنُوثة الى «قساوه»!!
هذا ما يحدث -للاسف الشديد- وان لم يرق الى مستوى الظاهرة فالمرأة- خاصة في السنوات الاخيرة- مثلها مثل الرجل المجرم تقتل وتسكر وتتعاطى المخدرات وتأتي الفاحشة والشواهد على اجرامها كثيرة وليس أدل على ذلك من ان احصائية صادرة قبل ثلاث سنوات عن وزارة الداخلية عام 1423هـ كشفت ان ثماني سيدات ارتكبن جريمة القتل مع سبق الاصرار والترصد!!

القتل العمد ثلث جرائم النساء
وتؤكد هذه الحقيقة المفجعة دراسة حديثة صادرة من المركز القومي للبحوث الاجتماعية في مصر حول جرائم النساء كشفت ان جنايات القتل العمد تحتل المرتبة الأولى في قائمة الجرائم التي ترتكبها النساء بنسبة (33،6?)!!

لماذا المرأة مجرمة
والسؤال الآن: لماذا ترتكب النساء الجرائم؟
فريق البحث الذي اشرف عليه الدكتور أحمد العبدلي الخبير الجنائي بالمركز عدد جملةً من الاسباب التي تدفع النساء لارتكاب مثل هذه الجرائم والتي يأتي في مقدمتها «الانتقام» بنسبة 30? ثم «الخلافات العائلية» بنسبة 14،7? ثم دافع «العار» بنسبة 12? والحصول على مال المجني عليه بنسبة 10،5? والتغطية على جريمة اخرى 6،3? وتسهيل ارتكاب جناية أو جُنحة بنسبة 4،4? والدفاع عن النفس 3،8? و «الغيرة» بنسبة 1،5? ثم النزاع على ارض بنسبة ?1،3 والأرث ويشكّل 1،1? فقط من هذه الجرائم.

جريمة فتاة خميس مشيط
ولماذا نذهب بعيداً وقصة فتاة خميس مشيط واحدة من اكثر القصص التي هزت المجتمع لطريقتها البشعة التي فاجأت الناس خاصة وان التي ارتكبتها فتاة في مقتبل العمر لم تتجاوز العشرين بكثير.. وهي جريمة قتل مع سبق الاصرار والترصد بكل المقاييس، قامت نتيجة ابتزازها من قبل شاب بعد زواجها لعلاقته بها قبل الزواج وحتى تتجنب الفضيحة دفعها خوفها والشيطان لارتكاب جريمة القتل بحقه ومحاولة اخفائها ولم تدر ان خوفها من الفضيحة قد يتحول الى قضية رأي عام، وما تزال تنتظر تنفيذ حكم القصاص فيما تتواصل مساعي أهل الخير للعفو عنها بعد ان امضت مدة تزيد على الست سنوات في السجن!!

فتاة مكة تمثل بجثة زوجها
وفتاة مكة التي قتلت زوجها ومثلت بجثته شاهد آخر على جرائم النساء فهذه الفتاة (من جنسية عربية) تزوجت وعمرها لا يتجاوز الثالثة عشرة وقد افضى بها كرهها لزوجها الى قتله بضربه على رأسه بآلة تكسير الثلج ثم قامت بخنقه حتى تتأكد من موته وبعد ذلك مثلت بجثته؟!
قد يتبادر لاذهاننا ان جرائم النساء تقتصر على قتل الازواج. ولكن الحقيقة انها تتجاوز الازواج الى جرائم اخرى كترويج المخدرات واستخدام النساء في نشر هذه السموم مثل ما حدث مع «فتاة الرياض» التي هربت من هناك لتعيش مع اخيها غير الشقيق في جدة ولما كان اخوها هذا منحرف السلوك فقد أفسد اخلاقها بتعاطي المخدرات مما ادى بها الى الادمان والى ان تحمل سفاحاً من صديقه وإجهاض جنينها لتتحول الى مجرمة خطيرة حيث اصبح همها الوحيد هو الايقاع بالرجال والانتقام منهم باغوائهم. وبالوقوع في حبائل المخدرات الى ان أُلقي القبض عليها فيما هي الآن تخضع للعقوبة والعلاج في آن معاً.!! وبنظرة عامة الى الجرائم النسائية، يؤكد الباحث الامني في مجال الجريمة الدكتور سلطان عبدالعزيز العنقري ازدياد الجرائم التي ترتكب من قبل النساء في السنوات الاخيرة في وطننا العربي سواء كانت هذه الجرائم ضد الآباء والازواج أو الاخوة والاقارب وغيرهم ما يحتم معرفة مسبباتها ودوافعها والبحث عن حلول لها تحفظ حقوق المجتمع وافراده بمن فيهم النساء.
والحقيقة التي قد تكون غائبة عن الكثيرين والتي يكشف عنها العنقري هي ان المرأة مثلها مثل الرجل ترتكب الجرائم خاصة عندما يقع عليها الظلم والعدوان من قبل الرجل سواءً كان زوجاً أو اباً أو اخاً أو قريباً أو بعيداً عن المجتمع الذي تحيا وسطه، مؤكداً ان المرأة ليست مستثناة من تلك الجرائم فهي ترتكب الجرائم التي يرتكبها الرجل بل ربما بطريقة اكثر شراسة.
واذا كانت المرأة بحكم تكوينها الفسيولوجي ضعيفة مقارنة بالرجل الا ان التقنية الحديثة بما فيها وسائل الاتصالات السريعة ساعدة المرأةعلى ان تتغلب على الجرائم بمهنية واحترافية متناهية في الدقة..، اذن لا غرابة عندما يرى الانسان النساء وهن يرتكبن الجرائم وبجميع انواعها واشكالها.
وفي ظل غياب القوانين التي تحمي النساء من تسلط الرجال ومطالبة المحكمة المرأة التي تشتكي وزجها أو والدها أو ولي امرها أو اخيها في ظلم وقع عليها بمحرم هو طرف رئيسي في مشكلتها، يؤكد الدكتور العنقري انه متى ما اعطيت النساء حقوقهن الشرعية كاملة غير منقوصة من المجتمع فان ذلك يمثل الجانب الوقائي الذي يردع النساء عن ارتكاب الجرائم ومتى تم تلافي جميع العوائق امامها ثم ارتكبت المرأة أي جريمة بعد ذلك، فان القانون الذي كفل لها حقوقها جدير بمعاقبتها لانها تكون بذلك قد انتهكت حقوق الآخرين الذين كفل القانون حقوقهم ايضاً.
اذن من وجهة نظر العنقري فان معالجة جرائم النساء تكمن في معرفة اسبابها ودوافعها الحقيقية وليس معالجة الاعراف فقط، لان ذلك يؤدي الى استمرار مسلسل العنف والعنف المضاد ما بين الرجل والمرأة..
وتصف د. عبلة حسنين باحثة واكاديمية في علم الاجتماع الجنائي جرائم النساء بالطارئة على مجتمعنا الاسلامي المحافظ أو وليدة التحولات التي شهدها المجتمع، ذلك ان الاختلاف التكويني للمرأة عن الرجل خاصة العنصري والنفسي والعقلي والهرموني والبيولوجي اضافة الى اهتزاز النسق الاجتماعي التقليدي تبعاً للتطور يلعبان دوراً رئيسياً في بروز جرائم النساء ويسهمان في ازديادها علماً بان نسبة معدل جرائم النساء اقل بكثير من الرجال في القتل بالسم والاجهاض والدعارة والسرقة والاختلاء فقد اصبحت اليوم تفوق جرائم الرجال في بشاعتها من القتل والتمثيل بالجثة وتهريب المخدرات والتخطيط للجريمة.
ومن منظور علم الاجتماع الجنائي تشير د. عبلة الى ان المرأة تمر بنفس الظروف البيئية التي يحتك بها الرجل فضلاً عن أعباء الحياة اليومية والاستعداد النفسي وضعف الوازع الديني مما اسهم في ظهور انماط جديدة لجرائم النساء ما يدعو الى التأكيد على المفهوم الاجتماعي للوقاية وعلاج السلوك الاجرامي للمرأة والذي لن يتم الا بحسن التعامل مع المرأة واحتضانها وعدم تعريضها للعنف فضلاً عن ايجاد تدابير علاجية للحد من وقوع الجريمة. ومن جانبها تؤكد مديرة سجن النساء بجدة فوزية احمد عباس على دور المرأة في حماية افراد اسرتها من الانحراف والوقوع في الجرائم وذلك من خلال غرس القيم الفاضلة في نفوس اطفالها وبالتربية والتنشئة الاجتماعية الصحيحة.