-A +A
حمود أبو طالب
استمر ملف حقوق المرأة السعودية موضوعاً للتجاذب والجدل لسنوات طويلة بين مختلف الأوساط المهتمة بالشأن الاجتماعي في المملكة، سواء الذين يريدون صدقاً تمكين المرأة وتفعيل أدوارها بإعطائها المزيد من حقوقها أو الذين يزايدون على هذا الملف لمجرد المناكفة وتوظيفه سلباً لاستمرار الوصاية السلبية على المجتمع وتفصيل الحقوق وفق المعايير التي تخدم استراتيجيتهم لاستمرار السيطرة عليه لتحقيق أهداف بعيدة المدى، وذلك ما جعل موضوع حقوق المرأة السعودية شأناً ملتبساً وورقة تم توظيفها سياسياً عندما يراد استهداف المملكة أو إحراجها لأي سبب.

واستمرت تلك الحقوق تُعطى بالقطارة وفي أضيق الحدود حتى جاءت النقلة الكبيرة خلال العقد الماضي، ثم الطفرة الأكبر خلال العهد الجديد الذي تعامل مع هذا الملف بشجاعة وواقعية واتزان وحكمة وموضوعية وتسارع مذهل لأكثر المتفائلين، إذ تم فتح باب الحقوق المشروعة دينياً وإنسانياً ووطنياً للمرأة السعودية على كل الأصعدة، والشروع في تمكينها وتحقيق العدالة المستحقة لها، فما تمر فترة قصيرة إلا ويصدر قرار جديد يجسد الاحترام لحقوق المرأة ويؤكد تفعيلها بما تهيأ لها من تعليم وثقافة ووعي ورغبة صادقة في القيام بمهمتها الوطنية.


قبل أيام قليلة دخلت المرأة المؤسسة العدلية في أحد اختصاصاتها وسوف تدخل في البقية قادماً، وقبل ذلك دخلت السلك الدبلوماسي سفيرة، وملحقاً ثقافياً وعضواً في ممثلياتنا الأممية، ناهيكم عن أنه ما من وزارة أو هيئة حكومية الآن إلا وتوجد المرأة في كثير من مناصبها التنفيذية، ومن نافلة القول إنها أثبتت جدارتها في مجلس الشورى، وسوف تتسارع الخطى لتمكينها في كل المواقع تفعيلاً لواحد من أهم بنود الرؤية الوطنية 2030 التي تسابق الزمن لتحقيق مستهدفاتها.

كل ما في الأمر أن الإرادة السياسية حضرت بشجاعة ووعي في مجتمع إنساني متعلم ومثقف ومدرك ومسؤول، وأن الدولة أغلقت باب المزايدات التي عطلت نصف المجتمع لعقود طويلة ليصبح المجتمع قادراً على السير بقدمين متوازيتين ومتوازنتين، وهكذا هي المجتمعات الطبيعية، والمستقبل القريب يعد بالكثير.

habutalib@hotmail.com