عمر
عمر
light-bulb-human-brain-logo-drawing-lighting-incandescent-light-bulb-png-clip-art
light-bulb-human-brain-logo-drawing-lighting-incandescent-light-bulb-png-clip-art
-A +A
عمر محمد العمري (مدير العلاقات العامة والإعلام التربوي في جامعة الإمام) 3OMRAL3MRI@
هناك الكثير من القوى الضاغطة التي تساهم في صنع طموح الفرد واتجاهاته أو محدودية اختياراته، منها التغيرات التي تطرأ على المجتمع ومكوناته أو الظروف الاقتصادية أو الصراعات السياسية أو الأزمات البيئية كانتشار الأمراض أو الأوبئة (كجائحة كورونا).. وغيرها، وأثرها الكبير على اهتمامات الفرد وقيمه ودوافعه وحاجاته النفسية وكيفية إشباعها وبالتالي اختياراته الذاتية.

الأمر الذي يجعل من طموح الفرد لا يخرج عن كونه من صنع نفسه وكذلك صنع الأحداث المحيطة به، فهو يحمل في طياته هموم ومشاكل عصره التي يعايشها والتغيرات والأحداث التي تجبره على تغير المسار ربما ليست مرة بل مرات، إذن فالطموح هو موقف ورؤية يتشكل في جنابتها وجود الإنسان ومن ثم وجود المجتمع وبوصلة كل واحد منهما.. وأين تتجه!!


ولعلنا الآن ندرك من السابق كيفية تشكل الطموح، وأن هناك علاقة جدلية لا شعورية بين مستوى طموح الفرد كاستجابة بوصفه طبيعية بشرية، والمتغيرات الحادثة في المجتمع كمثير، وهذا يعطي الأمر وضوحاً أن الطموح يتخلق ويتشكل وليداً في رحم ثقافة المجتمع وانعكاساً لواقعه، ومن هنا فالطموح توجه اجتماعي وتوجه ذاتي من حيث طبيعة تفرد الشخصية واستاقها تبعاً لمحيطها الثقافي.

ومما يعزز مستوى الطموح داخل الفرد هو نتاج تفاعل عنصرين؛ أحدهما وعي الفرد بذاته والآخر قدرته على مواجهة نقاط ضعفه أو عدم الرغبة في المثابرة والجد والعمل، وأن يجعل من نفسه ذاتياً وموضوعياً في آن واحد؛ بمعنى أن يكون ناقداً ومرشداً لها، وأن يكون مقداماً محققاً لما هدف له أو طمح إليه. والجانب الآخر البيئة الثقافية المحيطة بالفرد ومدى امتصاصه لها بوصفها مرآة لسلوكه ونوعية أهدافه؛ وأيضاً فيما تمثله من دافع إيجابي أو إحباطي لطموح الفرد، ودورها الهام في تشكيل البيئة النفسية للفرد والجماعة وبلورة مستوى طموحهما الذي يريد الفرد أو الجماعة أن يصلا إليه لكي يحدد ما يسمى اصطلاحاً بمستوى الطموح (التوقع) ومستوى الإنجاز (الفعل)، وكثيراً ما يكون هناك تباين أو تعارض بين ما يطمح إليه المجتمع وما يطمح إليه الفرد، الأمر الذي ينشأ عنه ما يسمى تغليب المصلحة العامة.

ولعله يفهم من ذلك أن مشكلة مستوى الطموح ليست مشكلة فردية نفسية فقط، وأن المعادلة العامة لصورة الطموح ينبغي أن نسندها إلى إدراك الظروف التي تؤثر في مستوى ونوعية الطموح، وليس بوصفها ظروفاً اجتماعية وثقافية فحسب، وإنما هناك أيضاً ظروف فردية شخصية تتعلق بمدى واقعية هذا الطموح وإمكانية تحقيقه.. هل هو واقعي أم خيالي!!