مقاتلون في مليشيا «حزب الله» (أرشيفية)
مقاتلون في مليشيا «حزب الله» (أرشيفية)
-A +A
راوية حشمي (بيروت) hechmirawia@

لم يحدث أن رفعت وزارة الخزانة الأمريكية من وتيرة هجومها أو لهجتها في وجه «حزب الله» كما فعلت عقب إدراج ثلاثة مسؤولين جدد على قائمة عقوباتها للتنظيمات الإرهابية قبل أيام، إذ كانت تكتفي منذ أن بدأت بفرض هذه العقوبات عام 2017 بإضافة مسؤوليه ومناصريه ومموليه إلى القائمة، لتجفيف مصادره ومحاصرته دون التلويح بأية مواجهة محتملة.

فقبل أيام أطلقت الوزارة على مسؤولي الحزب الذين فرضت عليهم عقوباتها «الإرهابيين العالميين» وهم: جواد نور الدین مسؤول تجنید المقاتلین وإرسالھم إلى سوریة والیمن، قاسم بزي مسؤول مؤسسة الشھید، ویوسف عاصي مؤسس أطلس ھولدن، إضافة إلى 12 ھیئة على علاقة بالحزب ومقرها لبنان.

ولا شك أن هذه العقوبات ليست جديدة، بل إنها كانت متوقعة من قبل حزب الله نفسه، لكن الجديد كان وصف الخزانة للعناصر الجدد بالإرهابيين العالميين، والجديد أيضاً الذي يمكن التوقف عنده هي اللهجة التي خاطب بها وزیر الخزانة مارشال بلینغسلي «حزب الله» التي يمكن القول إنها وصلت لأعلى معدلاتها حيث وصفه بأنه «سرطان النظام السیاسي والاقتصاد اللبناني»، متوعداً إياه بالقول «سنعمل على محاولة اقتلاع ھذا السرطان».

وقال بلينغسلي إن حزب الله يجب أن یبقى خارج النظام المالي اللبناني، خصوصا أنه يسعى للسیطرة على الاقتصاد بنفس الطریقة التي سیطر فيها على السیاسة.

لهجة بلينغسلي أو التهديدات الأمريكية العلنية لا يمكن فصلها عما يدور في الأروقة الدبلوماسية في بيروت، إذ كشفت مصادر مطلعة لـ«عكاظ» بعد صدور لائحة العقوبات الجديدة، أن الأزمة التي يعيشها لبنان مرتبطة بخلفيات مواجهة فساد حزب الله الذي استخدم مرافق الدولة الحيوية لتسهيل شؤونه المالية واللوجستية.

ووفقاً للوضع المتفاقم في لبنان، فإنه لم يعد بإمكان هذا البلد أن یكمل مساره من دون وصایة دولية وأن البنك الدولي يتجه إلى فرض رقابة اقتصادية شديدة عليه خصوصا لجهة المداخیل والمساعدات ووجھة صرفھا، وأن هذه الرقابة أو الوصاية تهدف بشكل أساسي لتشديد الخناق على حزب ﷲ ومعاونيه من الأحزاب والتيارات اللبنانية.

وبالتالي يمكن القول إن الحرب الأمريكية على حزب الله ليست خطاباً عالي اللهجة وحسب، بل إن درجة العقوبات التي رفعتها الإدارة على الحزب لتشمل للمرة الأولى شركات الأدویة والمعدات الطبیة سیكون لھا أثر على تراجع قدرته على تھریب الأدویة التي كانت تشكل بالنسبة له سوقاً من الأسواق الآمنة أو متنفساً لتسهيل حركته المالية.

إن تهديد شخصيات من مختلف الطوائف والقوى السیاسیة اللبنانية بفرض عقوبات علیھا وفقاً لما أعلنه مساعد وزير الخارجية الأمريكية ديفيد شينكر على هامش إعلان عقوبات وزارة الخزانة تحت عنوان مكافحة الفساد، إنما هو تحذير شديد اللهجة لكل القوى السياسية التي تعاونت مع حزب الله سياسياً وفي ملفات الفساد بأنها ستلقى المصير نفسه إن لم تفك ارتباطها به، وهي وفقاً للمراقبين خطوة تمهيدية لنبذه وتقويض نفوذه ودوره وسيطرته على لبنان.

ولا شك أن تزامن تضییق الخناق الأمريكي على حزب الله مع قرار البرلمان الألماني بحظر أنشطته على أراضيها واعتباره تنظیما إرھابیا، وإعلان وزارة المالية البریطانیة أنھا أضافته بكافة أجنحته إلى قائمتها للتنظیمات الإرھابیة هي بمثابة حرب علنية على الحزب تخوضها أمريكا وأوروبا في الوقت الذي يعاني فيه الحزب من بوادر اختناق بفعل الأزمة المستفحلة مالياً واقتصادياً والتي ستطوق حركته في قادم الأيام بعد أن يضع صندوق النقد الدولي يده على الملف اللبناني أو بمعنى أوضح على رقبة حزب الله. والسؤال: هل بدأت حرب اقتلاعه من النظامين السياسي والمالي؟.