-A +A
محمد الغروي -جدة
قال الالباني : قلت : وأما ما شاع في دمشق في الآونة الأخيرة من ارتياد النساء للمساجد في أوقات معينة ليسمعن درسا من إحداهن ممن يتسمون بـ ( الداعيات ) زعمن ، فذلك من الأمور المحدثة التي لم تكن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم و لا في عهد السلف الصالح ، وإنما المعهود أن يتولى تعليمهن العلماء الصالحون في مكان خاص كما في هذا الحديث ، ثم رأيت هذه المحدثة قد تعدت إلى بعض البلاد الأخرى نسأل الله السلامة من كل بدعة محدثة . علق على هذه الفتوى التي انتشرت في الوسط الدعوي النسائي ، واعتزلت على اثرها الدعوة في المساجد مجموعة من الداعيات النشيطات امتثالا لهذه الفتوى، التي علق عليها فضيلة الدكتور عبدالله المطلق عضو هيئة كبار العلماء بالمملكة والذي قال في تصريح خاص لملحق (الدين والحياة) ان إلقاء المحاضرات من الداعيات في المساجد ليست ببدعة، بل هي من وسائل الدعوة الى الله عز وجل، وهي من أشرف الأعمال الصالحة فهي وظيفة الأنبياء والمرسلين عليهم السلام ولا شك أن الدعوة ليست محصورة ولا مقصورة على الرجال وإن مشاركة المرأة في دعوة النساء وتبين الخير وتبصير العلم. وأضاف المطلق " أنه قد كان قديما كانت تمنع النساء لدخول المساجد واذا اجتمع النساء في المساجد مع بعضهن يتعلمن القرآن والعلم فهو من الخير والدعوة ( قل هذه سبيلي أدعو الى الله على بصيرة انا ومن اتبعني ) وكانت عائشة تنقل العلم وتدرسه للنساء فهو أمر مرغوب ومندوب ".

علماؤنا يفتون بالجواز


وأكدت الداعية السعودية أناهيد السميري أن فتوى الشيخ الألباني أثارت بعض اللغط في الوسط الدعوي النسائي، ولكنها أكدت أن كبار علماء المملكة أفتونا بجواز القاء المحاضرات للنساء في المساجد وعلماؤنا راسخون في العلم ورأي الشيخ الالباني يحترم، وأكدت السميري أنها لا زالت تلقي المحاضرات والدروس في المساجد، وان ذلك ليس من باب البدعة.
التبديع غير صحيح

وأضاف الشيخ سعود الحربي المحكِّم القضائي والمشرف على المعهد العلمي الثاني النسائي بجدة في تصريحه للدين والحياة " أن للمرأة خصوصياتها المتنوعة المتجددة فهي أبصر بها ، وأعلم بها وأكثر معرفة وخبرة ومعايشة وتجربة لها ، ولا يتحقق ذلك إلا من خلال المرأة نفسها والجهل في هذه القضايا الشرعية من المرأة كثير والأخطاء أكثر بسبب حياء المرأة من سؤال الرجال. ولأن تربية بناتنا وأخواتنا وزوجاتنا، نحتاج إلى مزيد من القدوات الصالحات في التعليم والتربية والدعوة مما يدعو لاختلاط الداعية ببنات جنسها.
ومشاركة المرأة بإلقاء المحاضرات في مصليات النساء من الأمور المشروعة وإنكار ذلك أو تبديعه غير صحيح وأما الاستدلال بحديث الصحيح ( أن امرأة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقالت له : يا رسول الله ذهب الرجال بحديثك فاجعل لنا من نفسك يوما نأتيك فيه لتعلمنا مما علمك الله ) فهو يستدل به على حرص المرأة على العلم . وكون رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل لهن يوماً وقال : اجتمعن في يوم كذا . على عدم مشروعية المرأة بالتحديث والتدريس في المسجد فإنه استدلال ضعيف لأمور:
أولاً : أنه استدلال في غير موضعه فهي طلبت أن يخصهن بمجلس ويوم فاختار النبي صلى الله عليه وسلم الأرفق والأصلح ولم يسألنه عن مشاركة إحداهن في تعليم النساء بالمسجد لعدم الحاجة لذلك مع وجود رسول الله صلى الله عليه وسلم , المكان وسيلة للدعوة والتعليم سواء كان مسجدا أم بيتاً وفي هذا الزمن قد يتحقق الستر والطمأنينة في اجتماع النساء في مصلياتهن لطلب العلم أكثر من غيرها.
ثانياً : أن مراد الصحابية سؤال النبي صلى الله عليه وسلم واستفتاؤه فيما يستحيا ذكره أمام الرجال .
ثانياً : أن المرأة يعرض لها العذر الشرعي فلا تستطيع دخول المسجد لسؤال النبي صلى الله عليه وسلم وحضور مجلسه الذي خص به النساء بخلاف ما لو كان في بيت إحداهن فلن يمنعها العذر الشرعي من حضور ذلك المجلس المبارك.
ثالثاً : أن في ذلك خصوصية لهن وعدم مزاحمة الرجال لهن فحرص الصحابة صغارا أو كبارا على سماع الحديث والهدي النبوي داعي لاقترابهم من النبي صلى الله عليه وسلم وفي انفرادهن ابتعاد عن المزاحمة خاصة ذوات الخدور.
وقال الحربي " وقد رأيت شيخنا العلامة محمد الصالح العثيمين رحمه الله في 1412 هـ وقد طلبت منه بعض النساء أن يخصهن بمجلس للاستفتاء فخصهن بيوم اثنين اجتمعن حوله وهن متحجبات وسألنه ما يخفى عليهن من مسائل الحيض والعشرة الزوجية . ومما يؤيد ذلك قول عائشة رضي الله عنها تقول :( نعم النساء نساء الأنصار لم يمنعهن الحياء أن يتفقهن في الدين )" وأضاف الحربي " وفي حديث أسماء بنت يزيد رضي الله عنها لما جاءت إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام وهو بين أصحابه وقالت :( بأبي أنت وأمي يا رسول الله أنا وافدة النساء إليك- هذه المبعوثة من النساء وهذا يدل على أن النساء قد اجتمعن وتشاورن ورأين حاجتهن إلى إجابة سؤال فبعثن من تقوم بهذا الأمر- إن الله عز وجل بعثك إلى الرجال والنساء كافة فآمنا بك وبإلهك . إننا معشر النساء مقصورات محصورات قواعد بيوتكم وحاملات أولادكم وإنكم معشر الرجال فضلتم علينا بالجُمع والجماعات وشهود الجنائز والحج وأفضل من ذلك الجهاد في سبيل الله عز وجل وإن أحدكم إذا خرج حاجاً أو معتمراً أو مجاهداً حفظنا لكم أموالكم وغزلن أثوابكم وربينا لكم أولادكم، افنشارككم هذا الأجر والخير فالتفت النبي صلى الله عليه وسلم إلى أصحابه بوجهه كله ثم قال: هل سمعتم مسألة امرأة قط أحسن من مسألتها في أمر دينها) ، فقالوا يا رسول الله : ما ظننا أن امرأة تهتدي الى مثل هذا ـ كأنهم رأوا في ذلك تميزاً وعقلاً واعياً ولفظاً جامعاً وحجةً قويةً وأدباً جماً في الوقت نفسه- فالتفت النبي صلى الله عليه وسلم اليها فقال: افهمي أيتها المرأة واعلمي من خلفك من النساء أن حسن تبعل المرأة لزوجها يعدل ذلك كله، فانصرفت المرأة وهي تهلل .
واختتم الحربي تصريحه بقوله " وفي هذا كله دلالة واضحة على مشروعية مشاركة المرأة بشرط الابتعاد عن الإفتاء بغير علم أو الدخول في مسائل لم يبلغها علمها وفي مكان بعيد عن سمع الرجل وبصره . الجدير بالذكر أنه قد اعتمد قبل عام ولأول مرة إلى اعتماد نحو 89 داعية، مصرحا لهن بإلقاء المحاضرات في مصليات النساء في المساجد السعودية، ولكن بشرط أن يكون ذلك بإذن مسبق من مكتب الدعوة في المنطقة التي تسكن فيها الداعية. المساجد التابعة لوزارة الشؤون الإسلامية رسميا، بناء على القرار الذي كانت قد أصدرته بهذا الشأن وزارة الشؤون بعد أن كانت مقصورة على الدور النسائية والأقسام النسائية في الجمعيات الخيرية السعودية، وصلت وزارة الشؤون الإسلامية بعد دراسة مستفيضة.
.