لم يدر في خلد عدد من سيدات الأعمال اللواتي كن يتعاملن في سوق الأسهم بالملايين أنهن سوف يصبحن في غمضه عين مديونات للبنك ولصديقاتهن واقاربهن وأنهن سوف لا يستطعن الخروج من منازلهن هربا من الدائنين والدائنات.
هذا ما حدث لهن بعد ان اندفعن في سوق الأسهم وراء الأرباح الخيالية وقمن باقتراض مبالغ مالية كبيرة تصل الى ما يقارب العشرين مليون ريال عن طريق المرابحة من أحد البنوك لكن البنك وفي ظل الهبوط الحاد الذي واجهه سوق الأسهم قام بتسييل محافظهن دون علمهن كما قالوا ومعها سالت أحلامهن الصغيرة بالثراء والحصول على منازل لهن ولابنائهن وقضى بذلك على أحلامهن الوردية.
السيدات يعتزمن رفع دعوى على البنك لكي يسترجعن أموالهن والعودة من جديد للسوق وتعويض ما فاتهن.
السيدة «ف.ش»قالت أنها بدأت خطواتها في السوق منذ عام ونصف بمبلغ بسيط جدا كانت تملكه عقب أن باعت ما تملك من مدخرات وعقب ذلك اقترضت من عدد من أقربائها واصبح اجمالي المبلغ الذي تتعامل به في السوق(700) الف ريال.. ويوم وراء آخر من الجهد والتعب وتجميع القرش فوق القرش ومع كبر الحلم بامتلاك منزل لها وابنائها وشراء سيارة أصبحت مضاربه يومية في السوق وكانت هذه الأمور تؤثر عليها نفسيا وجسديا حتى كادت أن تفقد بصرها.
«ف.ش» تقول عقب هذا الجهد أصبحت امتلك مليوني ريال ثم أخذت مرابحة من البنك قدرها مليون ريال مع المبلغ السابق.
بدأ هذا الحلم يتلاشى بعد نزول السوق فجأة بعد أن استلمت المرابحة بأسبوع واحد فقط قام البنك بتسييل محفظتي بعد شهر من فتحها ولم يبق لي شيء فاخذ البنك المليون واصبح أقاربي يطالبونني بأموالهم حتى اضطررت لتغيير رقم المنزل والجوال هربا من الدائنين.
السيدة «أم عبدالرحمن» تحكي هي الأخرى معاناتها مع السوق كنت ابحث عن وظيفة لم اجدها لانني ليس لدي شهادة عالية أو خبرة وإضافة أنني متزوجة من أجنبي ودخله محدود جدا ولدي خمسة أبناء جميعهم على مقاعد الدراسة وتعرفون مصروفاتهم فنصحوني بسوق الأسهم فلم أتردد وقمت ببيع ما املك من ذهب و«تحويشة»الأولاد من مصروفات المدرسة وأخذت ما لدى زوجي من مال وقمت أيضا بالاستدانة من الأهل حتى تراكم لدي (130) الف ريال قمت بإيداعها في المحفظة بالحساب الاستثماري وعقب ذلك بدأت في عمليات البيع والشراء لمدة عشرة اشهر وكانت الأمور تجري بشكل جيد وثم قمت ببيع قطعة ارض كنت امتلكها لأكثر من خمسة وعشرين عاما لكي أزيد من رأس المال لشراء منزل مستقل لابنائي وتأمين مستقبلهم وبعد سبعة اشهر من بيع الأرض وصل المبلغ في المحفظة الى مليون ومائتين وخمسين الف ريال حيث كان السوق في قمة عطائه وكل المؤشرات كانت تدل على ارتفاع السوق.. وقبل الانهيار الذي حدث في السوق بأسبوع واحد فقط عرض علي البنك الذي اتعامل معه «مرابحة» بمبلغ مليون ريال وللأسف في ظل اندفاعي للسوق قبلتها وبمجرد قبولي بذلك قام البنك في اليوم الثالث بإنزال الأسهم في المحفظة مع العلم أن البنك عندما تطلب منه مرابحة أو قرض لا يستجيب ألا بعد أسبوعين أو شهر تقريبا وبعض الأحيان يرفض.
استطردت أم عبدالرحمن قائلة أن البنك وعقب أن انهار السوق بعث لنا بالعقد لكي نقوم بتوقيعه وقمنا بذلك على أمل ان يعاود السوق الارتفاع لان المؤشرات والمحللين كانوا يوصون بألا نقوم ببيع الأسهم لأنها سوف تعود للارتفاع مرة أخرى.. وتابعت الحديث بان السوق كان ينزف يوما عقب آخر واموالنا تضيع أمامنا حتى وصل المبلغ الى (107) الاف ريال بجانب المليون المرابحة حينها طلب البنك أن نقوم بدعم المحفظة فقمت باستدانة مبلغ (400) الف ريال من اخوتي وصديقاتي ومعارفي لكي أقوم بالدعم للمحفظة ولكن استمرار نزيف السوق بلع كل شيء واكل الأخضر واليابس وقضى على رأس المال والأرباح والديون وكان الهبوط أقوى من الدعم ولم يبق لي في المحفظة سوى مبلغ(37) الف ريال فقط.. واضافت أن البنك عقب ذلك قام بسحب مبلغ المرابحة ثم قام بإعادتها بعد اكثر من أسبوع وكما قام بتسييل المحفظة وبيع الأسهم فأصبحت محجوزة ولا أستطيع أن أتصرف بها حتى أصبحت مديونة بمبلغ نصف مليون ريال ولا أستطيع الخروج من منزلي أو الرد على التليفون من مطالبات الديون والكل يريد حقه.. فأصبحت لا اعرف ماذا افعل؟..
وبعد أن كنت اذهب الى صالة الأسهم كل يوم في الفترتين الصباحية والمسائية أصبحت اذهب الى المستشفى لكي اجري تحاليل للدم وأشعة وغيرها من الأمراض التى جاءت نتيجة ما حدث لي وما صاحب ذلك من غضب وتوتر.
السيدة « س.ح» لها قصة مشابهة هي الأخرى حيث تقول أنها قبل عام ونصف قامت بدخول سوق الأسهم وكان المبلغ الذي دخلت به في البداية(315) الف ريال وكان المبلغ عبارة عن دين أخذته من أخيها كما باعت ارضا كانت تمتلكها عقب طلاقها من زوجها بالإضافة الى مدخرات عشرين عاما وعدد من المساهمات من صديقاتها اللاتي كن يثقن فيها وعقب ذلك قامت بأخذ مرابحة من البنك بمبلغ (300) الف ريال وكانت الأمور تجري في البداية بشكل جيد وكانت الأرباح مرضية ومشجعة وعقب أن كسبت مبلغ مليون ريال من خلال التداولات في السوق عرض البنك علي اخذ مرابحة جديدة ليصل المبلغ الى مليون وتسعمائة الف ريال.
ولكنها عقب حالة الهبوط الحاد التي تعرض لها سوق الأسهم ولم تتمكن من البيع و كانت تقوم بتشكيل المحفظة والشراء في عدد من الأسهم الا أن ذلك لم يفد لان الهبوط الحاد لم يبق على أي سهم الا أنزله الى الأسفل..
واضافت أنها كانت تطمع بان تؤمن مستقبل أبنائها الستة الذين يعتمدون عليها لكن البنك لم يترك لها فرصة وقام بتسييل المحفظة دون الرجوع اليها وكان من المفترض أن يتم الاتصال بها لأخبارها بذلك حتى تقوم بدعم المحفظة الا أن ذلك لم يحدث وقام بعملية التسييل عند (160%) وليس عند (125%) كما جاء في العقد المبرم معه.. وطالبت «س.ح» البنك بان يعيد لها مبلغ المرابحة وما تم الاتفاق عليه في العقد الذي مدته عام كما تطالب بتعويضها عما حدث وترك المحفظة تنزف حتى هذا الحد حيث لم يبق لها سوى(600) الف ريال من (3) ملايين ريال وهي محجوزة الآن لدى البنك لا تستطيع التصرف بها حتى تقوم بعملية الدعم بمبلغ يقارب (900) الف ريال..
السيدة «م.ع» اكتشفت ان محفظتها لدى البنك اصبح رصيدها (صفرا) بعدما كان يصل الى ثلاثة ملايين ونصف المليون ريال.. واعتبرت أن ما حدث لها لهف لتحويشة العمر دون أي وجه قانوني.. وقالت أن البنك باع جميع الأسهم لـيـسـترد مرابحته، رغم أن ذلك يعد مخــالفة للعقد مشيرة الى أنها سبق أن استفسرت هاتفيا عن موقف المحفظة، ونبهتهم الى أنها لديها محفظة أخرى لدعم المحفظة الأولى لكن البنك استبعد أي تسييل للمحافظ وفق تعميم المدير العام.
واشارت الى أنها وجدت اسهما في محفظتها لم تقم بشرائها وتحدت أن يكون لدى البنك أي إثبات (تسجيل صوتي) يؤكد رغبتها أو موافقتها على تسييل المحفظة.
المحامي «ايمن السعدي» الذي سوف يتولى الدعوة التي سوف ترفعها السيدات ضد البنك لاستعادة أموالهن قال لقد اطلعت على قضيتهن واعتقد ان لهن أملا كبيرا نظرا لوجود بعض المداخل عليها.
وقال سوف اجتمع مع عدد من المحامين الذين نعمل معهم لكي ندرس القضية وفي البداية فان العقد الذي يوجد لدى السيدات وقمن بتوقيعه مع البنك يعتبر عقد «غبن» والبنك قام تقريبا بتصريف اسهم مقابل اخذ مالهن.. واشار السعدي الى ان هناك احتمالا كبيرا لحل النزاع بالنصف..
من جانبه برر أحد المسؤولين في قسم المرابحة بالبنك(الذي قام بتسييل محافظ السيدات) عملية التسييل بالظروف الاستثنائية التي اجتاحت السوق عقب هبوط الأسهم..
وقال أن البنك يسعى لحماية العميل وعدم تحميله أي مديونية، الا انه كان ينبغي العودة للعميل لاطلاعه على الأمر والتحقق من مدى الإمكانية في دعم المحفظة..واشار الى انه حسب المعلومات تم الاتصال بعدد من العملاء قبل تسييل محافظهم و لكنها معلومات تحتاج للتأكد، وسيتم التحقق من ذلك.
واضاف أن عقد المرابحة ينص على تدخل البنك إذا انخفضت المحفظة عن حد معين لكن ذلك لا يحدث الا بالرجوع للعميل.
ومن جانبه قال المحلل المالي ماهر جمال أن البنك في العقد الذي يبرمه مع العميل ليس ملزما بان يقوم بالاتصال وهو يقول بأنه سوف يتصل ويقوم بإبلاغ العميل قبل فترة كافية لكي يتم التغطية والدعم للمحفظة الا انه لا يحدث ذلك في اغلب الأوقات..
واضاف أن جميع هذه العقود هي عقود إذعان ولدى البنك جميع الصلاحيات بان يقوم بالبيع والرهن وحرية التصرف كاملة واشار الى انه في حالة تسييل محفظة أي شخص دون وجه حق وبشكل مخالف لما جاء في العقد فانه يجب إلزام البنك برد كامل المبلغ الذي تم تسييله من المحفظة.. ولفت جمال الى أن البنوك لم تكن تعلم بان سوق الأسهم سوف تواجه هبوطا حادا كما حدث ولكن لا نستطيع أن نعفي البنوك من انه كان يجب أن تقوم بتحذير المتعاملين معها.. واشار الى أن البنك يلام في حالة عدم قيامه بطرح أسئلة على العميل حول مدى فهمه في أسواق المال وهل لديه مصادر دخل أخرى مثلا ويعتبر ذلك من الواجبات الضرورية على البنوك.