كانت ثمة رياح شمالية خفيفة تعبث بخيمة تقف مثل قمر يتيم في عمق الصحراء المحيطة بمدينة سميراء على مسافة (160) كلم شرقي حائل. وفي تلك الاثناء قطعت روتين الصمت صرخات مكتومة لامرأة مسنة سرعان ما تلاشت في الصمت الذي يطبق باجنحته في المكان، واسفر ذلك السيناريو عن مقتل امرأة على يد ابنها. فكانت جريمة اهتزت لها اركان مدينة سميراء وامتدت اثار الصدمة الى حائل عروس الشمال التي تلونت احاديث مجالسها بصبغة الدم وتفاصيل الجريمة البشعة.
المشهد لجريمة القتل تكشفت تفاصيلها حينما سلم القاتل نفسه الى مركز شرطة السميراء معترفاً بقتل امه 73 عاماً وجاء في اعترافاته انه ضربها ضربا مبرحاً في سكنها بالخيمة الصحراوية التي تبعد عن سميراء بمسافة 30 كلم حتى لفظت انفاسها الاخيرة، وفي حينه برر القاتل جريمته النكراء بسبب الخلافات العائلية. وقد اشارت الحثيثات الى انه فيما يبدو يعاني من متاعب نفسية والقاتل متزوج ولديه اطفال ويقيم في المدينة وفي اليوم الذي ارتكبت فيه جريمته كان قد قام بزيارة امه ومكث عندها لمدة اسبوع واختتم الزيارة بالجريمة البشعة.
شرارة الجريمة
وذكر شهود عيان أن الشاب البالغ من العمر (35) عاماً قدم الى القرية الصحراوية وخلال مكوثه مع امه كانت تطلب منه ان يساعدها في الصرف على اشقائه الصغار خاصة ان الأم تعاني من ضيق ذات اليد، وفيما يبدو فإن الشاب استشاط غضباً من طلب والدته قبل توديعها وبدأ في ضربها بشكل متواصل فيما كان يرفع صوته بالصراخ وعندما اراد اشقاء القاتل وابناؤه التدخل لانقاذ الضحية من ضرباته منعهم وهددهم بالقتل دون ان تأخذه الشفقة.
وكانت القرية الصغيرة المسترخية في عمق الصحراء قد استفاقت على الجريمة البشعة وتحجرت الحروف في الشفاه حيث لم يصدق الكثيرون ان الشاب الزائر ضرب امه حتى لقيت حتفها.
وفي تلك الاثناء كانت ثمة اسئلة حادة تنطلق من الشفاه: لماذا اقدم الشاب على اقتراف ذلك الجرم؟ وسرعان ما وصلتهم الاجابة ان الام طلبت من الابن القاتل مبلغ (2000) ريال وكان ذلك الطلب هو الوقود الذي حرك جرثومة الجريمة في نفسه المضطربة.
وانت في طرقات القرية تبحث عن الخيط الرفيع لتلك الجريمة وعن صداها لدى السكان والجيران وقبل ان تبرد حرارة اسئلتك تلتقي بأحد جيران القتيلة ويدعي (ن، ع، الحربي) الذي قال بصوت مشروخ ان الام القتيلة كانت سيدة عطوفا على ابنائها وقد تمكنت من التغلب على ظروف الحياة ووقفت وحيدة تواجه تصاريف الزمن ومآسيه حتى تمكنت من تربية اطفالها عقب وفاة زوجها منذ اكثر من (10) سنوات.
واضاف ان جميع اهالي القرية مصابون بالذهول من هول هذه الجريمة التي هزت مشاعرهم مشيراً الى انه حتى الان غير مصدق لما حدث.
واضاف، ان القاتل كان حريصا على زيارة والدته بشكل مستمر ويقدم لها المعروف وكانت الام تصف ابنها بـ«الولد البار»، وفي ذات السياق اشارت ام عبدالله احدى صديقات القتيلة انها كانت تفيض حناناً على ابنائها وقد تغلبت على مصاعب الحياة كما كانت تصف ابنها بأنه بار بها ومخلص لاشقائه.
واستطردت انها حينما سمعت بالجريمة لم تتمالك نفسها فانهارت من الصدمة والحزن وانهمرت دموعها لانها تعرف مقدار محبة الام لابنها.
ورغم ان الجريمة وقعت في موقع بعيد من مدينة حائل الا ان صداها كان واسعاً في المجالس .. وما زالت ثمة السنة تطول تفاصيلها لانها الاولى من نوعها كما اشار بذلك (محمد، ش،ع) الذي اوضح ان الشاب فيما يبدو كان يعاني من ازمة نفسية عارمة.
واضاف ان هذه الحادثة كانت صادمة للحد البعيد حيث علل البعض ان الشاب ربما يكون يعاني من حالة نفسية جعلته يرتكب ذلك الجرم ويكتب اسمه في دفتر القتلة والمجرمين.
وفي سياق التحقيقات الامنية ومباشرة الشرطة لموقع الحادثة فان الشاب كان قد انهار وهو يذرف دموع الندم امام رئيس لجنة التحقيقات المقدم ابراهيم الخشمان من التحقيقات الجنائية بشرطة منطقة حائل والذي تولى التحقيق مع القاتل وتم تسجيل اعترافاته شرعاً.
حيث اوضح وهو شبه منهار انه لم يكن يقصد قتلها وانما دفعته موجة غضب الى ضربها حتى فارقت الحياة.
وفي ذات السياق قال عامل البقالة بالقرية الصغيرة ان القتيلة درجت على ارتياد البقالة لشراء مقاضيها من السلع الاستهلاكية وهو يعرف ابنها الشاب وقد كان تعامله مع الجميع تعاملا جيدا. ولم يصدق انها لقيت حتفها على يد ابنها.
فيما قال احد جيران القتيلة ان الخبر كان صادما ولم يكن أحد يتوقع ان تكون نهايتها على يد ابنها.
كما اوضح أحد أصدقاء القاتل والذي رفض الكشف عن اسمه ان صديقه كان وفيا لكن صدم ودهش في نفس الوقت حينما سمع ما اقدم عليه.
واضاف ان القاتل كان يعاني في الأيام الأخيرة من ضائقة مالية ربما كانت دافعا له لعدم السيطرة على مشاعره.
ووصف أحد شهود العيان ما حدث بانه كان صدمة كبيرة لم يتوقعها أحد مشيرا الى ان القاتل في حينه سلم نفسه لمركز الشرطة واعترف بقتلها وسط ذهول من كان في المركز.
وكشف مصدر أمني ان الأم تعرضت لضرب مبرح حيث تعرضت في البداية الى دفعة قوية على عمود الخيمة مما أدى الى سقوطها.
وكان القاتل يظن ان الأم مغشي عليها الا ان المفاجئة التي اخرسته هي انها فارقت الحياة وهنا ذهل الشاب وسقط ارضا من هول ما فعله بأمه وسلم نفسه لمركز الشرطة واعترف بالتفاصيل والدوافع لارتكاب جريمته.
مشيراً إلى ان اقارب الشاب القاتل استعانوا بتقارير طبية تشير الى ان القتيلة تعاني من ازمة في القلب وامراض اخرى وتم تقديم هذه التقارير في محاولة منهم لتغطية الجريمة التي اعترف بها الشاب فوراً، فيما القي القبض عليه حيث سجل اعترافه ومثل عملية القتل التي وقعت في الخيمة البرية التي كانت الشاهد الرئيسي لوقوع ابشع جريمة قتل هزت مجتمع مدينة حائل.