مما تتداوله الأساطير أن (عبقر) موضع بالبادية كثير الجن، وفي المثل (كأنهم جن عبقر). وبما أن عبقر وادٍ للجن فإنه قد صار موطنا ينسب اليه كل عجيب أو غريب أو جيد أو قوي مما يعز على البشر صنع مثله، بما في ذلك العشق، فالعشق في أرض عبقر يتوقع أن يكون الأقوى والأعجب. وربما لهذا لما أراد الشاعر محمد الفهد العيسى أن يعبر عن عمق ما يحس به العاشق، أضفى عليه صفة الانتماء الى أرض عبقر، فسمى أحد دواوينه (عاشق من أرض عبقر). ولعل عاشقا من تلك الأرض يحمل في قلبه من الحب أضعاف أضعاف ما يحمله عشاق الأرض جميعا.
وقد تفضل الاستاذ الكريم فأهداني هذا الديوان العبقري مع ديوان ثانٍ هو (أين قفاة الأثر). والديوانان منشوران حديثا، الأول منهما تلتمس فيه الحب والرومانسية والثاني تلتمس فيه حبا ورومانسية ولكن من نوع آخر، فهو من اوله لآخره يتحدث عن الوطن وحبه.
والأستاذ محمد الفهد العيسى أحد أبرز شعراء المملكة المعاصرين صدر ديوانه الأول (على مشارف الطريق) عام 1963 ثم توالت بقية الدواوين، وهو شاعر متمرس ينظم الشعر التقليدي وشعر التفعيلة، وقد جاء في معجم البابطين للشعراء العرب المعاصرين (المجلد السادس) دراسة نقدية لشعره ذكر فيها أن بعض النقاد عدوه «أول شاعر سعودي يكتب القصيدة التفعيلية الحديثة بمجازاتها ولغتها وصورتها، عندما أصدر في كتيب مستقل قصيدته الطويلة ليديا 1963». ويصف المعجم شعر العيسى في بداياته بالتأثر بالنبرة الحزينة الرومانسية، وهي حسب ما جاء في المعجم «نبرة مسكونة بهموم الآخرين عبر الالتحام بقضايا الوطن على الصعيد المحلي والقومي وعبر الحاجة الى تعميق انتمائه واحكام صلته بالوطن، وهو الذي عاش دبلوماسيا فترة طويلة بعيدا عنه (...) كما أن شعره يزخر بتكرار اسماء أماكن في المملكة واسماء آلات شعبية ورقصات محلية، وكأن ذلك دلالة على حنينه لوطنه وشوقه اليه».
مرة أخرى أعبر عن جزيل الشكر للأستاذ العيسى على اهدائي ديوانيه وتمكيني من إعادة القراءة عنه وعن شعره مرة ثانية.
فاكس 4555382