-A +A
نشرت جريدة «عكاظ» في عددها الصادر يوم الاثنين الموافق 11 شوال 1428هـ، خبرا مفاده اكتشاف ارتفاع في نسبة الكحول في عينات من مشروب (السوبيا) المصنعة محليا في المدينة المنورة بما يفوق (5) أضعاف المسموح به وفق مواصفات القياسات السعودية (0.3%). وحسب التحليلات التي قامت بها أمانة المدينة المنورة تعتبر نسبة الكحول الموجودة في (السوبيا): (نسبة مسكرة). وقد تم أخذ تعهدات على جميع محلات (السوبيا) بأن تخزن (السوبيا) بدرجة حرارة معينة وألا تزيد مدة حفظها عن يومين ومنع بيعها خارج المحلات.
القضية ليست في كيفية الحفظ ولا مدة التخزين ولا مكان البيع بالشكل الذي تشير اليه الأمانة. لقد سبق لكاتبة هذا المقال ان اجرت دراسة علمية بقسم الاحياء جامعة أم القرى بمكة المكرمة على (السوبيا) بعد اخذ عينات عشوائية من عدة مصادر (تجارية ومنزلية) لمعرفة مدى احتمالية وجود كائنات دقيقة في ذلك المشروب المحلي الصنع.
وقد بينت نتائج تلك الدراسة وجود كائنات دقيقة من البكتيريا والفطريات بنسب عالية، إضافة الى وجود نسبة من مادة (الكحول).
وقد تم نشر البحث في الانترنت ومجلة جامعة أم القرى، وملخصه أن (السوبيا) تحتوي على أعداد مرتفعة من الخلايا البكتيرية والخمائر والفطريات، واعزي ذلك لعدم أخذ الحيطة في النظافة والتعقيم عند الصنع.
كما أكدت الدراسة وجود نسب متفاوتة من الكحول تزداد بازدياد زمن حفظ العينة. وقد توافقت هذه النتائج مع دراسة قام بها الدكتور محمد قربان، استاذ التخمر الكحولي بقسم الاحياء بجامعة الملك عبدالعزيز، حيث استخدم جهاز (الكوموتوجراف) لتحديد نسب الكحول (الإيثيلي) المُسكر في عينات (السوبيا) اذ وصلت الى (2.3%) بعد 24 ساعة، وازدادت الى (4.2%) بعد 48ساعة، حتى وصلت الى (6.8%) بعد 72ساعة، وهي نسبة قد تزيد عن بعض انواع المشروبات الكحولية التي تمنع المملكة دخولها.
لقد سبق ان علقت جرس التحذير من شرب (السوبيا) الذي يباع علنا في كثير من المحلات والبسطات خصوصا في شهر رمضان المبارك، ومن تصنيعه في المنازل ليتوسط موائد الافطار ليشربه الصائمون عند افطارهم بحسن نية دون علمهم ان (السوبيا) لاتصبح بهذا الشكل وهذا الطعم إلا بوجود نسبة كحول عالية فيه.
كما سبق ان علق الدكتور فهد تركستاني استاذ الكيمياء بجامعة أم القرى في احدى الصحف على نتائج هذه الابحاث قائلا: (فبعد يوم كامل من الصيام الذي نهانا الرب عز وجل عن الصوم ليس فقط عن الأكل والشرب بل كل خبيث من أفعال واقوال، نأتي بجهلنا ونضيع يومنا أمام شهواتنا بشرب السوبيا المحرم، وقد يستوقفنا بعض القراء بقوله حتى السوبيا تحرم علينا؟ لهذا، لابد ان يفهم الجميع ان الدين لاغلو فيه وهو واضح وضوح الشمس فالحلال بين والحرام بين.. فلا نضيع صيامنا بكأس سوبيا) انتهى كلام الدكتور فهد.
منذ ذلك الوقت لم تتحرك الجهات المعنية التنفيذية والصحية والرقابية لوضع حد لمصانع ذلك المشروب على اعتبار انه مشروب رمضان الاول. هذا الخطاب موجه أولا الى الأفراد في المجتمع بأن يقلعوا عن هذا المشروب وثانيا، الى الجهات التنفيذية، بأن يوقفوا مصانع السوبيا ويوعوا المجتمع بعدم شربه، فالمسألة ليست تخزين وتصنيع ومناطق بيع كما طلبت أمانة المدينة المنورة أو غيرها، ولكنها تتعلق بالمشروب نفسه، على الاقل هذا هو رأي العلم، ويبقى رأي الدين الذي لن يخرج عن قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما اسكر كثيره فقليله حرام».

د. هوازن حامد مطاوع