-A +A
سعيد السريحي
ما تردده كثير من مواقع التواصل الاجتماعي وتلوكه ألسنة بعض المتحدثين في المجالس الخاصة والعامة عن أن سلبية الموقف من القضايا الوطنية الراهنة التي اتسم به بعض الدعاة والمحسوبين على الدعوة هي السبب الذي يقف وراء تعرضهم للمساءلة ووضعهم موضع التحقيق، ويبنون على ذلك دفاعهم عن أولئك الدعاة وأشباه الدعاة، متسائلين عما إذا كانت حالة الصمت التي لجأوا إليها يمكن لها أن تعد جرما يحاسبون عليه، ما تردده مواقع التواصل وتلوكه الألسنة وهمٌ لا يقوم إلا في أنفس من يجهل تاريخ أولئك الذين التزموا الصمت وادعوا الحياد، كما لا يقوم إلا في أنفس من يدافعون عن أولئك الدعاة وأشباه الدعاة عند تعرضهم للمساءلة بالحق وبالباطل وكأنما هم فوق المساءلة والمحاسبة.

ويعلم أولئك الذين ركنوا إلى الصمت وتظاهروا بالحياد في موقف وطني يتعلق به أمن بلادنا واستقرارها في ضوء ما تكشفت عنه المؤامرات التي كانت تحوكها الجماعات الإخونجية وترعاها دول كنا نعتبرها دولا شقيقة وصديقة، يعلمون أن الوطن في غنى عن أصواتهم التي كانت تلعلع من فوق المنابر بمناسبة وبغير مناسبة، غير أننا نعلم، وهم يعلمون كذلك، أن المسألة ليست مسألة الصمت، وما ارتكبوه ليس مجرد النأي بأنفسهم عن هذا الموقف الذي تفرضه المواطنة عليهم، ذلك أن لهم تاريخا يمتد عقودا لم تكن فيه أجندتهم تختلف عن أجندة حزب الإخوان المسلمين ولم تكن دعوتهم تختلف عن دعوة منظري تلك الجماعة التي تكشفت الحقائق عن دورها الإرهابي المتآمر ضد الوطن الذي نشأت فيه وكل وطن امتدت إليه أذرعها المعلنة والخفية.


وإذا كان قد آن الأوان لمساءلة أولئك الذين لم تكن تبرأ خطبهم من التحريض على جهاد ذهب ضحيته الكثيرون من أبناء الوطن بينما ظلوا هم وأبناؤهم في مأمن من ذلك الجهاد الذي دعوا إليه، ولم تكن خطبهم تبرأ كذلك من الوقوف ضد كل ما يمكن أن يقود المجتمع للانخراط في الحضارة والتنمية والحداثة، إذا كان قد آن الأوان لمحاسبة أولئك فإنما هم يحاسبون ويساءلون عما قالوه وفعلوه خلال عقود من الزمن وليس عن صمتهم الذي لم يكن يضير الوطن بشيء سواء طال أمد ذلك الصمت أو قصر.