المشاركون في المؤتمر يستمعون لكلمة أمين رابطة العالم الإسلامي الافتتاحية. (عكاظ)
المشاركون في المؤتمر يستمعون لكلمة أمين رابطة العالم الإسلامي الافتتاحية. (عكاظ)
-A +A
«عكاظ» (القاهرة) Okaz_online@
اختتمت فعاليات المؤتمر الدولي «دور الجامعات في خدمة المجتمع وترسيخ القيم»، الذي نظمته رابطة الجامعات الإسلامية (عن بعد) بتعاونٍ مع رابطة العالم الإسلامي، ووزارة الأوقاف المصرية، وجامعة الأزهر وجامعة الإسكندرية، ومعهد الاعتدال بجامعة الملك عبدالعزيز، ومشاركة عدد من الوزراء وكبار الشخصيات العلمية والمنظمات الدولية والمؤسسات التعليمية.

وأوصى المؤتمر بتطوير استراتيجيات التعليم والتعلم لتصبح قائمة على تنمية الفكر النقدي المنطقي لا على أساس التلقين، وعقد دورات تطوير مهني لشباب هيئتي التدريس ومساعديهم، وورش تدريبية للطلاب للتدرب على التفكير الناقد المعزز للوعي في كل الجامعات والكليات.


وطالب المؤتمرون بإسهام الجامعات في مواجهة كافة أشكال التطرف ونشر الفتن والشائعات، إضافة إلى إصدار ميثاق أخلاقي للجامعات الإسلامية. ودعا المؤتمرون إلى دعم القيم الإنسانية العليا، وتأكيد حقيقة ثابتة مفادها أن أتباع الأديان والثقافات يحملون قيماً مشتركة لابد من التركيز عليها في منظومة القيم العامة.

وأوصى المؤتمر بضرورة أن تفتح الجامعات أبوابها بغير قيود في اتجاهين؛ الأول تلقي الأفكار من نخبة المفكرين في المجتمع للدراسة والتحليل وإعادة الصياغة بما يتناسب ومتطلبات كل مرحلة، والثاني تعزيز الحريات المشروعة داخل مجتمع الأساتذة الجامعيين، والعمل على جودة تعليم طلاب الجامعات المختلفة جغرافية وتاريخ العالم العربي والإسلامي لتعزيز هوياتهم وولاءاتهم الوطنية والاعتزاز بمنظومة عالمهم العربي والإسلامي. كما أوصى المؤتمر أيضاً بتحويل الجامعات إلى مراكز إنتاج حقيقية، وتشجيع الاستثمار في القيم الإنسانية.

وكان المؤتمر قد افتتح بكلمة لأمين العام لرابطة العالم الإسلامي رئيس رابطة الجامعات الإسلامية الشيخ الدكتور محمد بن عبدالكريم العيسى، أشار فيها إلى تميز هذا المؤتمر بحضوره وموضوعه لمناقشة محاور عدة تُعتبر من المهمات الكبرى المناطة برابطة الجامعات الإسلامية.

وأكد أن مسؤولية هذه الرابطة تجاه الشأن المجتمعي كبيرة، قائلاً: «لن نجد خطاباً أبلغ وأنفذ ولا أكثر استطلاعاً وتحليلاً وحلاً من جهود النخبة العلمائية والأكاديمية التي تشارك معنا في هذا المؤتمر، وهي تدلي برصيدها الراسخ علماً وفكراً وخبرةً».

وأضاف الشيخ العيسى: «كثيراً ما يرفع المصلحون الشعارات والنداءات لمعالجة قضايا المجتمع، ولا سيما مخاطبة المؤسسات الأكاديمية، ومن التوفيق والتسديد لجامعات عالمنا الإسلامي أن همتها قد علت، ومصداقيتها قد تأكدت، حيث توافرت عزيمتها على إنشاء رابطةٍ مباركةٍ، تجمع عَمَلَها المنسجم في وحدة رؤيته ورسالته وأهدافها لخيرها وخير مجتمعاتها وخير عالمها؛ فيقظةُ وعي هذه الرابطة أسهمت بفاعلية في إيجاد الحلول لعدد من القضايا».

وقال: «محاور هذا المؤتمر هي من هذا النوع الذي لقي منذ وقت تحدياتٍ كثيرةً، بل ولقي تحولات متعددة، حيث لا بد للمجتمع من إسناد، بحجم همة وقدرة هذه الرابطة، بما تمتلكه من كفاءة عالية، وما تستشعره من إحساس بالمسؤولية».

وأضاف: «إن مجتمعاتنا الإسلامية أحوج ما تكون إلى تعزيز منظومة القيم لديها؛ لتحفظ هويتها الموحدة، حيث سَمْتُ الإسلام الرفيع على جادة اعتداله «لا وكس ولا شطط»، يقول الحق سبحانه: «إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ»، نعم هي أمة واحدة في رسالتها وقيمها وأهدافها، مهما تنوعت أعراقها وألوانها وألسنتها، ومهما تعددت دولها الوطنية، فوجدانها واحد، والتعدد والتنوع يزيدها قوة وحماسة لتعزيز لُحمتها، ولتُبرز للعالم كله أنها جسد واحد، وأن أعضاءه مهما اختلفت وتنوعت فإنها في السراء والضراء جسد واحد».

وتابع: «كلنا أمل في أن يحفِل البيان الختامي لهذا المؤتمر بتطلع الجميع نحوه، بين يديه دراساته العلمية (المسحية والاستطلاعية)، التي تزداد وتزدان بحواراتها ومداخلاتها المعززة والمسددة».

وأضاف «كما أننا نسعد اليوم بتدشين الهوية البصرية لرابطة الجامعات الإسلامية من خلال شعارها الجديد الذي يحمل دلالات عدة تُبرز أصالة الرابطة لإرثها التليد، ومواكبتها لكل جديد».

وذكر: «أن رابطة الجامعات الإسلامية تعمل بعون الله تعالى على توسيع مهامها ونشاطاتها حول العالم، مرتكزةً على أصالة هويتها وسلامة منهجها، مُعَوِّلةً على همم كفاءاتها العاملة داخل كيانها النظامي، أو في منظومة الجامعات المشمولة بعضويتها».

وأضاف «وقد سعدنا برغبة جامعات كبيرة في الانضمام لعضوية الرابطة، وكذلك رغبة جامعات أخرى صديقة، في الحصول على وصف الأعضاء الداعمين».

وقال «تطلعنا يمتد كذلك إلى كفاءة شباب جامعاتنا الإسلامية من بنين وبنات، فلهم في هذه الرابطة مناشط وفعاليات عالمية قادمة بإذن الله تعالى وستكون الرابطة لهم حضناً، كما ستكون مَدْرجاً لانطلاقة طاقاتهم وإسهاماتهم حول العالم، راعيةً مواهبهم وإبداعاتهم مادياً ومعنوياً»، مؤكداً أن الرابطة «ستُعَمِّقُ من صلاتها كافة مع الجامعات الأعضاء بما يحقق المزيد من دلالة اسمها ووصفها، على جادة رؤيتها ورسالتها وأهدافها».

جمعة: الجامعات تسهم في تقويم السلوك واستعادة القيم

من جانبه، قدم وزير الأوقاف في مصر، رئيس المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية الدكتور محمد مختار جمعة، الشكر لرابطة الجامعات الإسلامية على اختيارها لهذا الموضوع المهم، مؤكداً أن الاعتراف بالأزمة أول طرق حلها.

وأكد أن الأمم التي لا تقوم على الأخلاق والقيم النبيلة تحمل عوامل سقوطها في أصل بنيانها وأساس قيامها، والناس جميعاً بفطرتهم السوية لا يملكون سوى احترام صاحب الخلق الحسن سواء أكان شخصاً أو أمة، مشدداً على أن الجامعات يمكن أن تسهم إسهامًا كبيرًا في تقويم السلوك واستعادة قيمنا وأخلاقنا الجميلة، سواء في مناهجها، أم فيما تنتجه من بحوث أو فيما يشكله أساتذتها من قدوة، داعياً في السياق ذاته إلى إنشاء مدونة سلوك حقيقية وجادة لكل طالب جامعي، بل لكل طالب في كل مرحلة، «فكما نقيس مستواه العلمي يكون هناك قياس آخر لسلوكه ومدى حرصه على القيم والأخلاق النبيلة».

البشاري: المؤتمر يضعنا على «ماهية الخطأ في التفكير»

فيما اعتبر أمين عام المجلس العالمي للمجتمعات المسلمة، نائب رئيس رابطة الجامعات الإسلامية، الدكتور محمد البشاري، أن أزمة كورونا مثَّلت نقطة تحول جديدة وغير مسبوقة في تاريخ مؤسسات التعليم في العالم للتعاطي مع هذه الأزمة، وهذا بدوره خلق واقعاً جديداً سيدفع القائمين على التعليم إلى إعادة النظر في منظومة التعليم العالي من حيث فلسفته وأهدافه ونظمه ومناهجه ووسائله وأنشطته وحاجة العالم من التعليم العالي في ظل عجز مراكز البحوث والجامعات عن وجود علاج للفايروس حتى هذه اللحظة.

وأكد أن هذا المؤتمر يضعنا على «ماهية الخطأ في التفكير» التي يجب أن تتجنبها برامج جامعاتنا العربية والإسلامية حتى لا تتحول إلى ثكنات تجيش أبناءنا في مليشيات الدم والإرهاب ضد مصالح الدولة الوطنية.

وختم بالقول: «لرابطة الجامعات الإسلامية دورٌ محوريٌ في بناء استراتيجية شاملة لمواجهة التطرف والإرهاب، تساعد فيه ما تقوم به مؤسسات التعليم، مركزة على الجانب الوقائي من الفكر المتطرف من خلال توعية الطلاب بمخاطر هذا الفكر أو من خلال ترسيخ منظومة القيم الإيجابية والأخلاقية التي تحصنهم ضد أي أفكار متطرفة أو دخيلة على المجتمع».

رئيس جامعة الأزهر يستعرض إسهامات الجامعة

بدوره استعرض رئيس جامعة الأزهر الدكتور محمد المحرصاوي، إسهامات جامعة الأزهر في مواجهة وباء كورونا، ومشروعات طلابها في القضاء على التلوث البيئي، واستثمارِ مخلفاتٍ من البيئة وتحويلِها إلى مخصباتٍ للتربة، إضافة إلى توفير فرص عمل، والقضاءِ على مشكلة البطالة.

وزير الأوقاف الأردني السابق: مراجعة جادة للنظام التعليمي

من جانب آخر، شدد وزير الأوقاف والمقدسات الدينية الأردني السابق الدكتور عبدالناصر أبو البصل، خلال كلمته على الحاجة إلى مراجعة جادة لكل ما يتعلق بالنظام التعليمي ليلبي احتياجات الأمة ويواكب العصر ويواجه تحدياته، وإعادة النظر في خططنا الاستراتيجية في ضوء المستجدات المعاصرة، وخاصة بعد تداعيات هذا الوباء الشديد الخطورة، الذي أظهر حاجتنا إلى إعادة ترتيب أولوياتنا وما يترتب عليه من إعادة صياغة الخطط والمناهج والبرامج والتركيز أكثر على تمتين المجتمعات داخلياً وخارجياً وتفعيل أسس الوحدة بين أبناء الأمة الإسلامية.

ودعا إلى إنشاء قسم خاص ضمن رابطة الجامعات الإسلامية لتقييم الجامعات وتصنيفها من حيث البحث العلمي وجودة البرامج وتقدمها وتطورها، وتكريم الجامعات التي تحصل على المراتب الأولى.

العبد: تحقق التنمية الاقتصادية والتقدم والازدهار

من جانبه، أكد الأمين العام لرابطة الجامعات الإسلامية الدكتور أسامة العبد، أن التعليم الجامعي أحدُ العناصر الأساسية في دعم التنمية البشرية على مستوى العالم، فالجامعة معنية أساساً ببناء البشر بناءً علميّا وثقافيّا واجتماعيّا وأخلاقيّا.

وقال إن «الاهتمام بأركان العملية التعليمية من أستاذ وطالب ومنهج أمر في غاية الأهمية»، مشدداً على أن التعليم الجامعي أحد أهم القوى التي تحقق التنمية الاقتصادية والتقدم والازدهار، ومن ثم وجب ترسيخ العلاقة بين الجامعة والمجتمع من خلال تنمية البحث العلمي والتطبيقي وربطه بواقع العمل والإنتاج.

كردي: لِنكن مناراتٍ في عصر العولمة وثورة الاتصالات

فيما أكد رئيس جامعة الإسكندرية الدكتور عصام كردي، أن المؤتمر يلمسُ الدور الحاسم لهذه الجامعات في العالم الإسلامي الذي يمر في الوقت الراهن بمرحلةٍ دقيقةٍ وخطيرةٍ في تاريخه.

وأكد أهمية تضافر جهود الجامعات الإسلامية؛ لِتكونَ كالعهدِ بها دوماً مناراتٍ للأساتذة والتثقيف الحقيقي، مستلهمة في ذلك القيم الإسلامية الأصيلة في جميع مجالات الحياة، وخاصة في عصر العولمة وثورة الاتصالات، التي جعلت العالم كله قرية كونية واحدة.

المناخرة: الرابطة تجمع الخبرات والمعارف

في حين قال عميد معهد الأمير خالد الفيصل للاعتدال بجامعة الملك عبدالعزيز، الدكتور الحسن بن يحيى المناخرة أن مثل هذا المؤتمر يعتبر فرصة سانحة لتبادل المعارف وعرض التجارب والاستفادة من خبرات الجامعات في مجال تعزيز القيم وتوظيفها تحت راية رابطة الجامعات الإسلامية، التي تسعى جاهدة لجمع الخبرات والمعارف تحت مظلة واحدة تسهل على المختصين الإلقاء والاستفادة من بعضهم البعض.