-A +A
د. رشيد بن حويل البيضاني كاتب سعودي RAlbaidhani@
قيل: «النقد مثل المطر ينبغي أن يكون يسيراً بما يكفي، ليغذي نمو الإنسان دون أن يدمر جذوره»، قاله «فرانك كلارك».. وأقول: التعامل مع «النقد» بإيجابية؛ مهارة حياتية لا يتقنها أي أحد، والبارع من يفتح بالنقد آفاقاً تُوسِّع مداركه وتطوِّر أفكاره.. إذن؛ هل هناك فرق بين النقد والانتقاد؟ وما تأثيرهما على النفس البشرية؟ وهل الكلمات النقدية تمس بالشخصية وتقلِّل من القدرات؟

•• •• ••


حين تُغِير على أحدنا عتمة تلك الانتقادات الظالمة الجائرة العاسفة؛ تحبس الأنفس النقية دموعاً ساخنة تحاول الانفلات من زاوية عينيه.. ومن تسقط دمعات نقائه أثناء محاولته امتصاصها؛ تنتقل لا إرادياً لشغاف قلبه فينتشر داخله مزيد من الانكسار يوقظ نفسه المتهالكة.. أما من يجد نقطة الضوء الكاشفة عن ذلك الانتقاد المخبوء داخل تلك النفوس المُعتلَّة؛ فسوف يخلق عالمه الإبداعي بأقصر الطرق.

•• •• ••

بين «نقد» تجلى فيه الإنصاف، و«انتقاد» مشحون بتصيد الأخطاء؛ لحظات إنسانية ترمم سيرة الحياة، وقرون استشعار تخترق الأرواح وتتحسس المشاعر.. وبين «نقد» مغطى بذهب الصدق، و«انتقاد» يترك ندوباً روحيةً؛ وقوع بين لذة الحياة بذلك «النقد»، وشعور باليُتم من ذلك «الانتقاد».. وبين «نقد» يوفر الطاقة للمتلقي، و«انتقاد» بطبقات نفسية غائرة؛ شعور بحميمية العلاقة بذلك «النقد»، وإحساس بالمس والهلوسة من ذلك «الانتقاد».

•• •• ••

في لحظات لا تتبع نسيج المشاعر يبكي معها كل شيء؛ ينكفئ من يعايش ألم الانتقاد كالمذبوح ليغادر مجبراً منطقة السعادة.. ومن يمد أطراف نقده الجارح إلى تربة كدَّ الآخرين بحجارة مسننة حادة؛ إنما يُعبر بوَجَل ضائع في زحام ظلامه الداكن.. أما من يدعس بنعليه تلك الظلمة القاتمة والانتقادات الكفيفة؛ سوف ينشر عطره في ممرات البراعة، وينثر شذاه في أزقة الإجادة.

•• •• ••

وعند كلام الكاتبة المصرية «شيماء فؤاد»: «فرق بين النقد الذي يكمل العمل، والانتقاد الذي يهدم قيمته»؛ تفريق بين الإنصاف والظلم.. وأولئك العازفون لحن النقاء، الراسِمون لوحات الصفاء الممشوقة، الواشجون عروق وِدَاد البياض؛ يلمعون بحماسة المنبلج الذي يومض كالشمس المتصاعدة تدريجياً.. فإذا تقدمنا خطوات فوق رمال الإنتاج ولا نعطي بالاً لصخب الانتقادات؛ لن نشعر بقيظ الصيف الذي يمضي ويأتي بعده الشتاء.