-A +A
أحمد العواجي amd_wj@ باحث في شؤون التيارات والتنظيمات والمناهج التكفيرية
‏وإذ ذاك فلا خيار لنا إلا أن نعلن على الملأ -رغم أنف من أبى- أخوتنا ومحبتنا وامتناننا لكل إنسان متسامح يحب الخير للبشرية مهما كان جنسه أو عرقه أو نحلته وأجرنا على الله.

‏القول لغير المسلم: يا صديقي أو يا أخي نوع من أنواع البر والإقساط وطيب المعاملة وحسن الخلق الذي حث عليه الإسلام تجاه كل إنسان مسالم وداعٍ للسلم (لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ).


وهذا البر والإحسان والأخوة لا تتعارض البتة مع أخوة الدين التي هي بين المسلم وأخيه المسلم، كما لا تتعارض مع أخوة النسب، وأخوة الرضاع، وأخوة المواطنة وأخوة الفريق. فقد ورد في القرآن لفظة الأخوة في غير موضع الدين ولا النسب (إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلا تَتَّقُونَ)، ولوط ليس أخاً لهم لا في الدين ولا في النسب كما هو معلوم، كما تطلق لفظة «الأخوة» على الشيء الملاصق أو القريب أو المشترك كما يقال: «أخ العرب» و«أخ الكرم».

‏ولا يوجد نص صحيح صريح يمنع إطلاق لفظ «الأخوة» على غير المسلم بقصد التودد له والإحسان إليه، فضلاً عن الحكم بتكفير من يطلق لفظ الأخوة على غير المسلم كما زعم بعض الغلاة كما هي عادتهم في لي أعناق النصوص لتناسب هواهم المتطرف.

‏فما ورد من نصوص في سياق «أخوة الدين» لم يرد فيها مطلقاً ما يحصر لفظ «الأخوة» أو يقصره على أخوة الدين فقط دون سواه كما زعموا ولبّسوا ودلّسوا وادعوا وشنّعوا على عضو هيئة كبار العلماء وأمين عام رابطة العالم الإسلامي الدكتور محمد العيسى بسبب ذلك.

‏وإن أردنا أن نستدل فلا أدل من لفظة «الحب» وهي لفظة أبلغ من الأخوة، فمع أنها وردت بعدة مواضع من القرآن في سياق المحبة الدينية؛ إلا أنه يجوز للمسلم قول هذه اللفظة لكل كائن لما أحبه فيه -لغير الدين قطعاً- فيحب الخضرة والجمال، ويحب الشخص -دون أن يعرف ملَّته- لحسن خلقه، ويحب تفانيه واتقانه لعمله، ويحب الزوجة الكتابية أو الأبناء أو الوالدين الذين على غير دينه، ويصرح لهم بحبه لصلتهم به وقرابتهم له، إلى غير ذلك من أصناف المحبة الإنسانية التي جُبل عليها الأسوياء من البشر، فمن باب أولى الأخوة الإنسانية لكونها أقل درجة من المحبة.