-A +A
خالد بن هزاع الشريف khalid98alshrif@
•• قبل أيام وجدتني مسجوناً بين أوراقي القديمة استجلب حنين وقت مضى.. توقفت أمام تلك الذكريات فدمعت عيناي اشتياقاً لمرحلة ماتعة فاتنة شنَّفتُ فيها أذناي بأبيات شعرية في مجلس جدي، يرحمه الله.. كنت استرق السمع لبعض من القصائد والأبيات ثم أرددها على أصدقاء الحارة القديمة وزملاء المدرسة ذلك الزمن.. ومع مرور الأيام أضحت ذاكراتي مُختزِنة قِطَعاً من قوافي الفصحى والقصائد الشعبية.

•• وبالتزامن مع هبة السماء بأمطارها افتتنتُ بقصيدة عثرتُها بخزانتي.. قصيدة أنيقة كأنها رطب طيب المذاق.. قصيدة بريئة تشبه طفولة لم تتلوث.. قصيدة ترجمت روح الزمان والمكان.. قصيدة «دايم السيف» (خالد الفيصل) قالها صاعداً الطائرة والأمطار منهمرة، وبخيال شاعر تصورها دموعاً لوداعية الحبيب: «هلت دموع السما عند الوداع، وأرسلت غيومها شوق وحنين، مد لي يمناه وانهى الاجتماع، والهناء تبدل بدمع حزين».


•• المطر بلياليه الباردة وبرقه المباغت؛ فاتحة تأمل للشاعر بمشهدياته الساحرة.. والمطر بخيوطه المتوازية الممتدة من السماء؛ يحوِّل الشاعر إلى «كتلة مشاعر» تُرحِّب بخُضُوب الارتواء بعد الجفاف.. والمطر الهاطل عقب العاصفة الحامي من التجوُّل؛ يُزهرُ قريحة شاعر اشتاق لبكاء السماء.. والمطر الكاسي الأرض القارع زجاج النافذة؛ حدثٌ يحتفي به الشاعر بسعادة تُشبع إبحاره في الجمال.. شهية مطر تعيد للشعراء نشوة الشعر.

•• القصيدة المنسلخة من مطر يغسل الأحزان؛ تُبرم عقد صداقة شفهي بين مطر وافر وشِعر وفير.. والقصيدة المسكونة برائحة المطر في آناف الشعراء؛ تُرطِّب دمع السحاب المنهمر.. وقصيدة المطر بمخزونها اللغوي الثري؛ تُفيض الأعين وتُعقد الألسن وتُجلي الصمت.. وقصيدة المطر المتحوِّلة إلى ترانيم؛ تصبُّ في الخواطر أنغاماً بطعم الغيم وضباب الغمام.. إنها قصيدة المطر العبِقة برائحة حدائق الشعر في حضرة الخريف.