-A +A
رنا منير القاضي
أطلقت وزارة الداخلية مبادرة إلكترونية أحدثت ضجة عارمة في مواقع التواصل الاجتماعي أسمتها «فُرجت»، التي استهدفت من خلالها المجتمع السعودي؛ ليشارك في سداد قضايا المتعذرين مالياً تحت غطاء رسمي، فيتسنى للمحكومين الخروج من السجن، قبل ليلة عيد الفطر المبارك بتكافل مادي واجتماعي.

وكان التفاعل معها ضخماً غير مسبوق من النساء والرجال، الكبير منهم والصغير، المقتدر والبسيط. إلا قلة كانت مترددة، تبحث عن أسباب القروض؛ لتشارك في المبادرة، فالمنصة ركزت على أرقام المسجونين ومناطقهم ولم تبد أسباب الديون؛ لذا ترددوا عن المشاركة.


وبعد حلول العيد، أكد المتحدث الرسمي للمديرية العامة للسجون أن دين السجناء لم يكن تلاعباً أو إسرافاً، وأن المبادرة الثانية ستشمل مَن تكرر دخولهم السجن مع ذكر الأسباب! والذي فتح باب التساؤلات بشكل أوسع من جانب آخر: كيف وصلت الديون إلى تلك الأرقام الفلكية؟ وما هي الجهات التي تمول تلك المبالغ الضخمة؟ ولماذا يتكرر دخول المساجين في نفس القضية؟ وما آلية مكاتب التقسيط؟ فسهولة الاقتراض من بنوك ومؤسسات تمويل رسمية أو غير رسمية، من أفراد يمارسون الإقراض باستمرار، يثير التساؤل عن دور مؤسسة النقد السعودي، بحكم إدارتها العامة للرقابة على البنوك وشركات التمويل، فهي تنص في موقعها الرسمي على أنه لا يوجد ما يمنع شركات التمويل من تقديم طلب الترخيص لممارسة أكثر من نشاط تمويلي، في المادة العاشرة من نظام مراقبة شركات التمويل، الذي أدى إلى تلاعب ملحوظ من قبل الشركات، فمثلما حجمت ضوابط القروض على البنوك، من المهم أن تواصل نفس النهج على كافة الجهات التمويلية، التي كشفت عنها مبادرة «فُرجت» بطريقة غير مباشرة مع عرض المبالغ الضخمة.

إن مبادرة وزارة الداخلية سعت إلى تفريج كرب المدينين غير المقتدرين، وكون المبادرة سيستمر إطلاقها، فهي فرصة للحد من ضرر باب القروض المخالفة. فسد المخاطر المصاحبة لأعمال وأنشطة مكاتب التقسيط غير المرتبطة بضوابط مؤسسة النقد السعودي أمر ضروري؛ لتحجيم الاقتراض، فديون الأفراد لا تتطلب فقط المساهمة في التفريج عنهم، بل تحرك الجهات المعنية؛ لتقيد سلوك الفرد والاستدانة التي تشبه كرة الثلج المتدحرجة، ولضمان استمرارية العمل الخيري لا بد من حمايته وتنظيمه؛ ليستمر تكاتف المجتمع إلى دعمه.

dr.rana.alkadi@gmail.com