-A +A
عيسى الحليان
لم تعد عملية البحث عن السعادة مسألة فردية وإنما تحولت إلى عملية مؤسسية تحتل حيزاً لا يستهان به من اهتمام الأمم والمجتمعات، وعلما يدرس له مقاييسه ومؤشراته وتطبيقاته المهنية التي تترسخ عاماً بعد آخر، وفي هذا السياق تحولت السعادة إلى مادة جدلية في إطار ندوة جاءت ضمن برنامج «one day university» والذي افتتحت الدكتورة «كاثرين ساندرسون» فعالياته بقولها إن السعداء هم أكثر الناس قدرة على العطاء والإنتاج، وهم الأكثر قدرة على تحقيق غاياتهم في المنزل والمجتمع والعمل، ولأن السعادة كلمة سحرية الكل يبحث عنها منذ ساعة الولادة وحتى انقضاء العمر، فينبغي إذن أن تحتل هي الأخرى حيزاً في أدبياتنا الاجتماعية ودراساتنا الإنثروبولوجية وتجميع عناصرها ومفرداتها المتناثرة في نفوس المجتمع وبناء هوية محلية لها، بدلا من استيراد مؤشراتها من مجتمعات أخرى!!

في تلك الندوة أشارت «ساندرسون» إلى أهمية المحيطين بالإنسان باعتبارهم هم من يؤثرون في سعادته أو تعاسته إلى درجة كبيرة وهذا مدخل هام تجد له تطبيقات حقيقية في مجتمعاتنا ربما أكثر من أي بلد آخر بحكم العادات والتقاليد وتشابك العلاقات الاجتماعية المعقدة والحاكمة في نفوس كل فرد منا، وهذا الجانب ربما هو الأوفر حظاً في تشكيل مزاج المواطن السعودي حتى وإن علت مراتبه المادية والوظيفية ورغم ذلك لم يحظ بالاهتمام المناسب وخصوصا في مسألة الزواج ومدى تأثير أساليب الاختيار على حياة الإنسان طوال حياته.


عالم الاجتماع بجامعة أوهايو «ماكلين أدوارد» كان له رأي آخر ترجح فيه كفتنا نسبة إلى بقية العوامل الأخرى حيث يشير إلى أن الجانب الديني له تأثير هام على حياة وسعادة الإنسان فهو الذي يجلب له السعادة ويحدث ذلك عندما يشعر الفرد بأن علاقته بربه على أحسن حال وهي ميزة كل إنسان في مجتمعنا لا يشعر بقيمتها كما يجب، وبالتالي فهو يرى تضمين القيم الدينية في الدراسات الاجتماعية والعلوم الإنسانية المعاصرة.