-A +A
سعيد السريحي
أشفق على أمين جدة الجديد، لأنه سيجد أمامه من طلبات المواطنين بعدد سكان مدينة جدة، بل وعدد زوارها كذلك، فما من مواطن أو مقيم يسكن جدة وما من زائر لها إلا ولديه ملاحظة تبلغ حد الشكوى وطلب يبلغ حد الرجاء، وإذا كان الأمناء السابقون قد حققوا بعضا من تلك الطلبات وعالجوا بعضا من تلك الشكاوى فإنهم تركوا وراءهم حين مضوا في حال سبيلهم طلبات لم تتحقق ومشكلات لم تعالج، لذلك فإن الأمين الجديد ليس وريث ما أنجزه الأمناء السابقون وإنما هو وريث ما عجزوا عن إنجازه كذلك.

وأمين جدة الجديد واحد من سكانها، وقد لا يحتاج كثير عناء لكي يعرف ما يريده أهالي جدة منه، وهو يعرف كذلك ما هي أولويات هذه المدينة التي ترتعش رعبا كلما هطل عليها المطر، فتغرق شوارعها وتتحول ميادينها إلى بحيرات راكدة، وهو يعرف هذه المدينة التي تنخر مياه الصرف الصحي أساسات منازلها وتطفح المجاري في شوارعها وتفوح رائحة العفن في أزقتها، وهو يعرف هذه المدينة التي أودى الإهمال بأهم مبانيها التاريخية فتساقطت هدما أو حرقا بيتا إثر بيت حتى لم تعد حرائق منطقتها التاريخية من الأحداث التي تمر بها فقد اعتاد الناس أن يمروا بتاريخها وقد تحول إلى خرائب وأطلال.


يعرف الأمين ذلك وأكثر من ذلك والمواطنون يعرفون أنه يعرف وحين يطالبونه بشيء فإنما هم يذكرونه به، منتظرين منه أن يعالج ما أعيا غيره معالجته ويستكمل ما لم يتح لغيره من الوقت كي يستكمله، فإذا انقضت مدته، طالت أو قصرت، تذكره أهل جدة بالخير كما يتذكرون قليلا ممن سبقوه.