-A +A
نورة محمد الحقباني
ما أجمل الخبر.. مبروك لهذا الجيل والجيل القادم... كان سيحدث هذا الأمر لا محالة.. إنه حق قيادة المرأة السعودية السيارة.. نعم.. حدث ذلك.. من يصدق؟!

غالبية نساء بلادي سعيدات.. العالم يبارك.. والمنظمات الحقوقية تبارك للنساء السعوديات.. ليل أمس الأول كانت تكسوه عدالة وقوة بقرار من رأس الدولة الملك سلمان..


هو بالفعل خبر تاريخي يهز عرش كل مؤدلج ومرجف وقف ضد هذا الحق الإنساني على مدى عقود، وهو ما سيفقدهم الأمل في الهيمنة مجدداً على إنسانة حرة تحصلت على حقها المشروع، ما يقطع آخر أمل لهم في التهويل والتخويف والإرجاف باسم الدين. لا شك أنه خبر رائع أكثر للجيل الجديد، أخواتنا وبناتنا، ولجيل حفيداتنا أيضاً وهكذا..

ما كنا نتمناه لأنفسنا قبل عقود يحدث لهن ونشهده أيضاً. جميل، أن لا نحمل همهن وأن تضيع أعمارهن في ملاحقة حق محظور حتى يتفرغن لما هو أهم وأنفع لمستقبلهن.

قرار السماح بقيادة المرأة السيارة في المملكة بعد عقود من المنع، يجعلني أمشي وأمسي غير مكترثة بسؤال نساء ورجال العالم الآخر، عن قضية لم يتوقف الاستقصاء عنها أينما تواجدنا في مؤتمر أو ندوة أو طريق! ولكن لا أخفيكم.. تلتحف سمائي الزرقاء السعيدة

سحابة حزن! كيف أفسر ما انتابني - وكيف يفهم من أخاطبه ما يجول في نفسي من إحباطات ماضوية بسبب عدم قيادة المرأة السعودية السيارة مثلها مثل كل نساء العالم.

ولكن سأجتهد وأكتب عسى أن أصيب ولا أخطئ.. ما سأذكره هو جزء لا يتجزأ من كل امرأة من مواليد التسعينات والثمانينات والسبعينات!

ربما، ما سأبوح به موجع، ويجب أن يشعر به الآخرون حتى نستطيع تذكر من رحل من سيدات فاضلات، لأنهن تأثرن فعلياً بتلك الفترة السوداء، ولا يزال بعض الحاضرات يعانين من تبعات تلك الحملات التشويهية ضدهن وضد حق مشروع طالبن به.

ولأن ما حصل لهن كان من وراء هجمات وآراء شخصية متشددة بحتة للتحكم في تحديد مستقبل أجيال من السعوديات بسبب ثقافة الانغلاق أو الهروب من الاستحقاقات.

كم كان مؤلماً ذلك؟ لم يكن ينقصنا شيء سوى قول (لا) في وجه من يصمنا بما ليس فينا، بسبب المطالبة بحق مغيب من حقوقنا. كما يجب علينا قول (شكراً) للملك سلمان وولي العهد الأمير محمد بن سلمان لاتخاذ هذا القرار التاريخي في مرحلة مهمة من التاريخ السعودي.

نحن مواليد الثمانينات والسبعينات، لم تتوفر لنا كطالبات تخصصات علمية عادلة في الجامعات، تؤمن لنا مستقبلا مشرقا وقبولا مضمونا أينما ذهبنا مقارنة بما كان يتوفر لإخوتنا الطلاب، وكانت الضريبة التخبط بين الوظائف والتخصصات وعدم تحديد الهوية العملية المستقبلية.

وأيضاً لم نمنح فرصا متساوية في نفس الوظائف التي كان يعتليها الرجال، مسيطرين ومستحوذين على أهمها وأنفعها مستقبلاً.. فتأتي الأنثى لتبدأ في وظيفة أقل أو عمل من المفترض أن تكون مارسته وتجاوزته. وضريبة هذا الأمر هو وجود امرأة ضعيفة مسلوبة الخبرة أمام المتلاعبين والنتيجة الدخل ضَعِيف.

ولا ننسى أيضاً أن كل فتاة تريد الابتعاث ليس لديها محرم حتى وإن كان ليس لديها «محرم»، تحرم من أن تمنح بعثة دراسية تتوق لها، وكل ذلك بمبررات لم تعد تليق بتقنيات القرن الـ21.

كيف تحرم من الحق الطبيعي.. وهو التعليم؟

أليست تلك حريات سلبت وعُقَدا ترسبت وفرصا ضاعت، بسبب تفضيلات غير منطقية. الأعمار لا تعوض؟! أنا ابنة اليوم، ولا زلت أدرس على حسابي خارج حدود بلادي.. ولكن تلك المشاعر الفجائية اجتاحتني بذكريات السنين العجاف.. علماً أنني كنت ولا زلت أقول «لا وألف لا» للمتشددين والمؤدلجين والمرجفين وكل من يحاول قتل الأحلام فينا، ويغتال سنين العمر.

* إعلامية سعودية

NORAH_MOHAMMED@