-A +A
عبدالرحمن اللاحم
ما زالت أصداء لقاء «الثامنة» مع نائب وزير الاقتصاد والتخطيط ووزير الخدمة المدنية تتصاعد وتتضخم، وأصبح حديث الناس في مجالسهم الحقيقية والافتراضية ولم يفلح المسؤولون في امتصاص خوف الناس وقلقهم وانزعاجهم من القرارات الأخيرة، ولم ينجحوا في شرح القرارات ومآلاتها بل زادوا الطين بلة والأزمة تعقيدا.

وزير الخدمة المدنية تحدث بكل ثقة عن إنتاجية الموظف السعودي، وأنها لا تتجاوز الساعة الواحدة، وذلك بناء على دراسات وبحوث لاتزال مجهولة المصدر لدى الجميع ومعاليه فقط هو الذي يعلم تفاصيل الدراسات والبحوث التي أثبتت تلك الحقيقة التي صدمت أكثر من مليون موظف يذهب غالبيتهم إلى مكاتبهم في الساعة الثامنة صباحا ولا يخرجون منها إلا عند الساعة الثانية ظهرا يقضون حوائج الناس وينهون معاملاتهم وفيهم المقصر والمهمل والكسول إلا أن الغالبية العظمى تقدر الوظيفة العامة وتدرك مهامها لذا هم انصدموا بتصريح الوزير لأنه أحبطهم وأغضبهم بشكل استفزازي لم يكن الوزير بحاجة له خصوصا وأنه خرج ليشرح ويهدئ النفوس المحتقنة.


والأمر نفسه فعله زميله في اللقاء محمد التويجري نائب وزير الاقتصاد والتخطيط الذي تعد وزارته في هذه المرحلة (أم الوزارات) فهي المشرفة على بناء البرامج التفصيلية التنفيذية لرؤية ٢٠٣٠ ومقرها يعج بالخبراء (الأجانب) الذين تدفع لهم مكافآت سخية جدا من أجل ترجمة الرؤية لواقع على الأرض، ومع ذلك كله نجد نائب الوزير يقع في خطأ مهني كبير عندما قال إن السعودية ممكن أن تفلس خلال ثلاث سنوات في حالة عدم الأخذ ببرامج الإصلاح الاقتصادي مما أرعب الداخل والخارج، فالمملكة ليست دولة هامشية على خارطة العالم، وإنما من الدول الكبرى المؤثرة في الحركة الاقتصادية للعالم وتحظى بتقييم ممتاز وتتربع على احتياطي نفطي ونقدي ضخم جدا ومع هذا كله يصرح نائب الوزير بكل ثقة بأنه (ممكن) أن تتعرض الدولة للإفلاس.

اعتقد أن الكارثة ليست في تصريح الوزير خالد العرج أو نائب وزير الاقتصاد والتخطيط محمد التويجري وإنما المرعب والمخيف إذا كانت طريقة عملهما وبنائهما للإستراتيجيات والبرامج التي يعتمد عليها مستقبل البلد تتم بتلك البساطة التي ظهرا بها في البرنامج، وأنه ممكن أن يكونا ضحية لدراسات وبحوث مُضللة، لأن طرحهما في البرنامج يدعونا جميعا للقلق على طموحاتنا المستقبلية لأنهما من أهم المسؤولين المعنيين بتطبيق برامجها، فما شاهدناه لا يدعو للتفاؤل وإنما هو مدعاة للقلق.