-A +A
أحمد الجميعة
الجهود الكبيرة المبذولة من قطاعات الدولة كافة لتحقيق مستهدفات رؤية السعودية 2030؛ فرضت مساراً تصاعدياً نحو توحيد الرؤى والتوجهات، وتكامل الأدوار، وصولاً إلى حصد المنجزات، حيث لم يعد هناك في زمن الرؤية مجال للاجتهاد، أو تضييع الفرص، أو البحث عن مبررات، وإنما الجميع يعمل في حالة انخراط تامة لمسابقة الزمن، وتحقيق النجاح، وخدمة المواطن، وتعزيز تنافسية المملكة عالمياً.

أحد أهم التحديات التي تواجهها الموضوعات والمشروعات والبرامج في مركز الحكومة اليوم ما له علاقة بالمواءمة مع عدد من القطاعات، وأعضاء اللجان، حيث بات واضحاً أن التحدي القائم يعبّر عن رأي ممثل الجهة بغض النظر عن حيثياتها ومرئياته ولا يمتد إلى حيث المصلحة الوطنية العليا؛ بمعنى أن من يمثّل الجهة في لجنة أو مشروع لا يزال ينظر للموضوع من زاوية تلك الجهة، ويتمسك برأيه، أو يتحفظ على الآراء الأخرى لمجرد أنه لا يتواءم مع رأي جهته، بينما الموضوع أكبر من هذا بكثير، حيث أن معايير إبداء المرئيات وتقديم التوصيات والموافقة عليها تتطلب أن يكون الأفق بعيداً، والنظرة مستقبلية، والهدف هو تحقيق ما هو مطلوب بأقل تكلفة، ووفق أفضل الممارسات، وأعلى معايير الجودة.


هذا يقودنا إلى مقترح حوكمة المواءمة بين الجهات في مركز الحكومة، حيث لا تزال بعض الفجوات تتطلب معالجة لحماية المشروع من أي تداخلات بين قطاع وآخر، أو اجتهادات بين جهة وأخرى، أو التباس في تقييم الأثر والعائد المتحقق، أو ما هو أبعد من ذلك تفويت الفرص على حساب الخوف من المسؤولية، وبالتالي نحتاج إلى تصنيف مستويات المواءمة في مركز الحكومة، وحدودها، ومحدداتها، إلى جانب معايير واضحة لحوكمة كل تصنيف، وآلية التصعيد، وغيرها من أدوات الحوكمة التي تضمن انسيابية العمل، والحد من الاجتهادات، ومزاجية الآراء أحياناً، والتحوطات المبالغ فيها التي لم تعد مجدية.

اليوم عمل الحكومة ضخم جداً، ومتداخل مع قطاعات عدة، ويوازن مع متطلبات داخلية وأخرى خارجية، ويرتبط بسياسة الواقع، والتخطيط للمستقبل، وبالتالي هذه الخارطة الحرارية من التحركات المتسارعة فرضت أن تكون هناك لجان عمل على مستويات عدة، ويصدر عنها توصيات، وقبلها اجتماعات ومحاضر، وكل هذا بحاجة إلى حوكمة المواءمة لصناعة قرار يعتمد عليه المسؤول، ويكون محل توافق الجميع لينجح في التطبيق.